أبدت قيادات نقابية تونسية تفاؤلها بالتوصل الى اتفاق بين حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد والاتحاد العام التونسي للشغل، بخصوص صرف الزيادات في مرتبات موظفي القطاع العام، في ظل استمرار الاحتجاجات ضد مشروع موازنة الدولة للعام المقبل، من جانب المحامين الذين يخوضون إضراباً عاماً منذ يومين. وقال وزير الشؤون الاجتماعية التونسي محمد الطرابلسي إن الجلسة الأخيرة التي جمعت بين الوزراء ووفد عن اتحاد الشغل «تندرج في إطار وضع الترتيبات لاتفاق نهائي بين الطرفين»، مشيراً الى وجود تقارب كبير في وجهات النظر بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، وفق تصريح للإعلاميين. وأبلغت قيادات في الاتحاد العام التونسي للشغل «الحياة» أن الحكومة قدمت الى وفد النقابات، اقتراحاً جديداً يقضي بصرف نصف زيادة في رواتب موظفي القطاع العام بداية من كانون الثاني (يناير) المقبل، في مقابل تأجيل النصف الثاني من الزيادات الى العام 2018. وعلى رغم أن موافقة الهيئة الإدارية (أعلى سلطة قرار في اتحاد الشغل) على هذا الاقتراح لم تصدر مبكراً، فإن مراقبين اعتبروا اقتراح الحكومة مقبولاً لدى النقابيين بخاصة أنه انتصار للاتحاد الذي تمكن من الظفر بنصف الزيادات المتفق عليها بعدما كانت الحكومة تتجه نحو تأجيل صرف الزيادات للعام المقبل. وبدأت الأزمة بين الحكومة واتحاد الشغل منذ تقديم مشروع الموازنة الذي أقر تجميد مرتبات موظفي القطاع العام ضمن مشروع قانون الموازنة تحت ضغط الدائنين الدوليين الذين يطالبون بخفض الإنفاق لتقليص عجز الموازنة، وتضمن أيضاً مشروع الموازنة للعام المقبل إجراءات ضريبية في حق المحامين والأطباء ورؤوس الأموال، مما خلق أزمة اجتماعية أمام حكومة يوسف الشاهد التي تولت مقاليد الحكم قبل أكثر من ثلاثة أشهر. وكان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ألقى بثقله السياسي في هذه الأزمة ودفع بالطرفين الى مزيد التفاوض لإيجاد حل توافقي، بخاصة بعد قرار الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة ذات النفوذ الكبير في البلاد) تنفيذ إضراب عام احتجاجاً على تأجيل صرف الزيادات. وعلى رغم تقدم المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل، فإن حكومة يوسف الشاهد لا تزال تواجه اعتراضات أخرى خصوصاً لدى عاملين في عدد من المهن الحرة (الأطباء والمحامون والصيادلة) الذين يرفضون فصولاً في موازنة الدولة تتضمن إجراءات ضريبية إضافية في حقهم. وتظاهر آلاف المحامين التونسيين أمس أمام قصر الحكومة في العاصمة، احتجاجاً على مشروع موازنة الدولة للعام المقبل، وذلك بعد يوم من بدء الإضراب العام المفتوح في قطاع المحاماة للضغط على الحكومة من أجل التراجع على الإجراءات الضريبية. ولم تنجح الجلسات التفاوضية بين المحامين والكتل النيابية والحكومة في التوصل الى اتفاق بخصوص ضرائب قطاع المحاماة، اذ رفض قطاع المحاماة ما اعتبرها «فصولاً مجحفة في حقهم ومخالفة للدستور» وسط تمسك الحكومة باقتراحها الهادف الى «التصدي للتهرب الضريبي لأصحاب المهن الحرة». وأوضح عميد المحامين التونسيين عامر المحرزي، في تصريح أمام قصر العدالة أن «قطاع المحاماة لا يرغب في التهرب من واجبه الضريبي، وإنما يسعى للقيام به دون أن تستهدفه الحكومة متفرداً بإجراءات خاصة تعسفية مجحفة»، محذراً من استهداف المحامين وتشويههم وإظهارهم في شكل المتهربين من الضرائب. ويشدد وزراء في الحكومة على أن مشروع قانون الموازنة لا يهدف الى الضغط على المحامين وأصحاب المهن الحرة، وإنما يهدف الى ضمان موارد مالية للدولة وتطبيق مبدأ العدالة الجبائية بين كل الفئات بخاصة أن المورد الأساسي لميزانية الدولة التونسية منذ عقود يتمثل في الجباية. وتأتي هذه التصورات بعد أيام من انتهاء أعمال المؤتمر الدولي للاستثمار في تونس والذي تعول عليه الحكومة لإنعاش اقتصادها وتفادي الاضطرابات الاجتماعية في المحافظات الفقيرة، وهو أول امتحان جدي وخطير يواجه حكومة يوسف الشاهد وسط توقعات ب «شتاء ساخن» على المستوى الاجتماعي نتيجة لتواصل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.