يعتبر تطور أساليب تسلسل الحمض النووي «دي إن إيه» أخيراً عاملاً بارزاً في المساعدة على زيادة فعاليتها وتأثيرها على البشر، إلى جانب قلة كلفتها المادية، إذ إن الكثير من جوانب الأبحاث الوراثية أثبتت عن طريق تسلسل الجينوم البشري أنه ليس المسؤول الوحيد الذي يحدد الصفات البشرية. ونشرت دورية «ساينس» أن العوامل البيئية تلعب أدواراً هامة، بعدما أكد ذلك العالم الحائز على جائزة نوبل ميخائيل براون في نقاش بالملتقى العلمي، إذ طرح سؤالاً: «كيف نفتعل مرض جيني جديد في ولاية تكساس؟»، وأجاب أحد الحاضرين بأنه إمكان إنتاج مرض يتعلق بالوراثة فقط عن طريق تغيير الشفرة المتبعة في بناء المنازل بطريقة يجعل أبوابها لا تزيد ارتفاعاً عن ستة أقدام فقط، وبذلك نحصل على «متلازمة كدمات الجبهة» المتلازمة التي ستكون مرتبطة بالجنس، إذ إنها ستكون شائعة أكثر بين الذكور بسبب طول قامتهم. وركّز براون على العوامل الوراثية التي تتطور في ظروف معينة لتكون مفيدة أو محايدة على الأقل قد تكون ضارة جداً في ظروف أخرى، مثل العوامل المساهمة في «عمليات الأيض» التي تطورت تحت ظروف كان من الصعب بها الحصول على الطاقة ولكن في بيئة الدول المتقدمة، إذ من السهل الحصول على كل مصادر الطاقة، تسببت تلك العوامل الوراثية بالسمنة والتأثيرات الأخرى المضرة بالصحة. وقال براون إن الدراسات الأمثل التي قامت على التوائم، إذ تم فحص متطوعين من توائم متطابقين والآخرين غير متطابقين، وأظهرت النتائج طبيعية لدى المتطابقين، ولكن الأخرين أظهروا اختلافاً، الأمر الذي وجد أنه مرتبط بحصول وتوقيت ظهور أمراض الطفولة المبكرة، الأمراض التي تعتبر أحداث مصادفةٍ مرتبطة بعوامل بيئية. وأورد أن صفات أخرى أظهرت انسجاماً أقل في دراسات التوائم، إذ إن واحداً من التوأمين المتطابقين أصيب بمرض التهاب المفاصل الروماتيزمي، فإن احتمال إصابة التوأم الآخر بالمرض نفسه 15 في المئة، وهذه النسبة أعلى بكثير من المتوقعة عند التوائم غير المتطابقين. وأضاف براون أن البُنية الجينية تعتمد على أدوات التحليل الوراثي يجب أن تستخدم لإمكان التقدم بفهم التأثيرات الوراثية على الصحة وعلى الصفات المهمة الأخرى، موضحاً أن من دون أدوات تستخدم للتفريق فإن تأثيرات العوامل الوراثية ستتداخل مع تأثيرات العوامل البيئية بصورة تحجب الفهم الحقيقي لدور كل منها على حدة. وأشار إلى أن هناك دراسات دقيقة لتفسير العوامل البيئية مثل الطعام والمواد الأخرى، وتقنيات جديدة كأجهزةٍ قابلة للارتداء مثلاً، لها القدرة على مراقبة العوامل الشخصية والعوامل التي نتعرض لها من البيئة قد يساعد على ذلك.