توصل العلماء الى سبر اغوار معظم مفردات الخريطة الجينية (الجينوم) لنبات القمح كما نشروا نتائج هذه التركيبة الجينية البالغة التعقيد وقالوا انه بات الآن بوسع خبراء تربية النبات استغلال هذا الاكتشاف لتحسين الناتج المحصولي. ونجح الباحثون في وضع مسودة لهذا الطاقم الوراثي الفريد لصنف يعرف باسم القمح الربيعي الصيني مما اتاح للعلماء والشركات المعنية بتربية الاقماح الاطلاع على 95 في المئة من جملة جينات القمح وهو الغذاء الرئيسي لاكثر من ثلث سكان العالم. والجينوم هي جملة عدد الجينات داخل الكائن الحي. وقد تساعد هذه الدراية التقنية على استنباط طرق لانتاج محاصيل عالية الانتاج وأكثر مقاومة لمواجهة خطر أزمة الغذاء العالمية. وقال نيل هيل بجامعة ليفربول وهو أحد أعضاء الفريق البحثي البريطاني من العاملين ضمن هذا المشروع "المعلومات التي توصلنا اليها ذات قيمة كبيرة في معالجة مشكلة نقص الغذاء عالميا." واضاف "نحن بحاجة الان الى اعداد برامج تربية نبات تكفي لتغذية العالم خلال فترة السنوات العشر المقبلة." ويتعرض انتاج القمح في العالم في الوقت الراهن لاخطار التغيرات المناخية وتعاظم الطلب من جانب سكان العالم الذين يتزايدون باطراد. وفي مطلع هذا الشهر سجلت أسعار القمح عالميا أعلى معدلاتها خلال عامين في أعقاب موجة الجفاف غير المسبوقة في روسيا والمشاكل التي واجهتها بعض من كبريات الدول الاخرى المنتجة للقمح. وقال هول ان البيانات الخاصة بالتسلسل الجيني لصنف القمح الربيعي الصيني - الذي اختاره العلماء كصنف مرجعي - ستمكن الباحثين من التفرقة بين مختلف الاصناف ذات الصفات الانتاجية عالية التميز. واضاف هول "من خلال فهم الفروق الوراثية بين الاصناف ذات الصفات المختلفة سيكون باستطاعتنا البدء في استنباط سلالات جديدة من القمح العالي الانتاجية والاكثر مقاومة للجفاف وظروف الملوحة." وكانت جهود رصد الخريطة الجينية للقمح من قبيل المهام شبه المستحيلة في الماضي بسبب ضخامة حجم الجينوم اذ يتألف من 17 مليار زوج من القواعد المكونة للحمض النووي الريبوزي منقوص الاكسجين (دنا) اي انه يساوي خمسة امثال حجم الجينوم البشري. لذا فان اقتحام الشفرة الجينية للقمح بات من اضخم الانجازات الخاصة بجينوم الكائنات الحية حتى الان. نتيجة لذلك كان القمح هو اخر فرد ضمن سلسلة المحاصيل الغذائية الرئيسية التي استكمل رصد خريطتها الجينية قياسا الى الخرائط المتعلقة بالارز والذرة مثلا وهي نباتات ذات شفرة وراثية ابسط كثيرا. وقال هول انه واعضاء الفريق البحثي قاموا من خلال الاستعانة بأجهزة فك الشفرة الجينية الخاصة بشركة روش السويسرية للمستحضرات الدوائية بمراجعة الخريطة الجينية الكاملة للقمح خمس مرات. يقول الخبراء انه يتعين زيادة حجم انتاج العالم من القمح بواقع 50 في المئة خلال العقود الاربعة القادمة من الزمن لسد الفجوة الغذائية العالمية.