وقّعت سورية وتركيا في ختام الاجتماع الوزاري الثاني ل «مجلس التعاون الاستراتيجي» الذي عقد في مدينة اللاذقية الساحلية امس برئاسة معاون نائب الرئيس السوري العماد حسن تركماني ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو على خمس وثائق للتعاون في المجال الجمركي والزراعي والمالي. وأكد الجانبان رغبتهما في رفع مستوى التعاون بينهما والذي وصفاه بأنه «مثال يحتذى» في العلاقات بين الدول وجاذب للمزيد من التعاون مع دول اخرى في المنطقة. وافتتح المجلس اعماله باجتماع ثلاثي ضم رئيسي الوفدين الى جانب وزير الخارجية وليد المعلم انتقل بعدها الى اجتماع موسع لدراسة ما تم انجازه خلال الفترة الماضية من الاتفاقات التي وقعت سابقاً واستعراض الآفاق المستقبلية للتعاون الثنائي. وعبر تركماني عن ارتياحه لمسيرة تطور العلاقة بين البلدين، وقال: «نتطلع الى مزيد من التطور والارتقاء في مجالات التعاون، سواء وردت في الاتفاقات ام لم ترد، والى ايجاد مجالات جديدة للتعاون والتفاهم»، مؤكداً «وجود رؤية سياسية متوافقة تجاه قضايا المنطقة تساهم في تأمين الاستقرار والامن في المنطقة». واعتبر العلاقة بين سورية وتركيا «نموذجاً يحتذى في المنطقة يجذب اليه الكثير من الدول التي ترغب بالتعاون مع سورية وتركيا»، لافتاً الى ان الموقع الجيو - سياسي لكلا البلدين «يضيف ميزة مهمة الى هذا التعاون ويشكل نقطة جذب ورؤية متطورة لمستقبل العلاقات في المنطقة وبناء منطقة شرق اوسطية مبنية على جهود وإرادة دول المنطقة وليس بشرق اوسط مستورد». وأشار الى «ان كل دول العالم باتت تدرك اهمية سورية وتركيا ودورهما في منطقتنا في كل المجالات السياسية والاقتصادية. ونحن نؤمن بأن هذا التعاون سيخلق منطقة آمنة ومزدهرة ذات تنمية تصنع بأيدي شعوب المنطقة». بدوره اعتبر اوغلو ان التعاون السوري - التركي يشكل نموذجاً ناجحاً. وقال :»نحن لا نكتفي بالتوقيع على اتفاقات التعاون بل ننتقل الى طور التنفيذ المباشر لها». وأضاف: «سننتقل من التعاون الاستراتيجي السوري - التركي الى المستوى الرباعي لخلق ساحة اقتصادية تضم ايضاً الاردن ولبنان»، وأضاف «بهذه الآلية ستشهد منطقتنا تعاوناً كبيراً وستكون منطقة جاذبة، وكل هذه الانجازات ستنعكس لمصلحة البلدين»، وعبر عن ثقته بأن «هذا التعاون سيساهم في حل مشاكل المنطقة». وأكد الجانبان اتفاقهما على مكافحة الارهاب واقامة مشاريع مشتركة على جانبي الحدود لتنمية المنطقة بعد الانتهاء من نزع الالغام منها في 2014. على ان يرفع الجانبان نتائج الاجتماع الى المجلس الاستراتيجي الاعلى الذي سيعقد في تركيا في كانون الاول (ديسمبر) المقبل برئاسة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ونظيره التركي رجب طيب اردوغان. وتضمنت الوثائق التي تم التوقيع عليها بروتوكولاً للتعاون في حركة المسافرين والبضائع وساعات العمل في بوابتي القامشلي ونصيبين الحدوديتين البريتين، ومذكرة تفاهم بين «بنك التنمية» التركي و «هيئة تخطيط الدولة السورية»، اضافة الى برنامج تنفيذي للتعاون العلمي والفني في المجال الزراعي وآخر في مجال الصحة الحيوانية وبرنامج تنفيذي في مجال وقاية النباتات والحجر الصحي النباتي. ورحب البيان الختامي الصادر عن الجانبين بالتفاهم الذي تم مع مصرف «اكزيم» التركي لتوفير خط ائتماني الى سورية بقيمة 180 مليون يورو (نحو 250 مليون دولار اميركي) لتمويل المشاريع المحددة التي ستنفذها شركات تركية في سورية. وسبق اجتماع المجلس مؤتمر لرجال الاعمال من كلا البلدين بحضور 60 شركة تركية متخصصة في مجال الزراعة والنقل والسياحة للبحث في العقبات التي تقف في مجال انسياب الاستثمارات والبضائع وتنقل الافراد. وأشارت بيانات عرضت في المؤتمر إلى أن حجم الصادرات السورية إلى تركيا ارتفع من 220 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي إلى نحو 530 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام الجاري. وأكدت البيانات أن حجم التبادل التجاري خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام الجاري تعادل حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي بأكمله. وتوقعت ان يتجاوز حجم التبادل التجاري نهاية العام الجاري بليوني دولار. وفيما دعت وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية لمياء عاصي رجال الاعمال الاتراك الى الاستثمار في بلادها، ابدت استعداد الحكومة السورية لتسهيل كل الاجراءات، فيما أكد وزير الاقتصاد التركي أن بلاده «ستواصل دعمها لانضمام سورية إلى منظمة التجارة العالمية وأنها تبذل جهوداً حثيثة في مختلف المحافل الدولية في سبيل تحقيق هذا الهدف، لأن سورية أصبحت قوة اقتصادية مهمة في المنطقة».