نجح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في نيل تأييد معظم الأحزاب الشيعية لتجديد ولايته. لكن عليه خوض مفاوضات صعبة مع الكتل الأخرى لتشكيل الحكومة. وقاطع «المجلس الإسلامي الأعلى» و «حزب الفضيلة» اجتماع «التحالف» الشيعي الذي رشح المالكي. وقال النائب عن تيار «الإصلاح» المنضوي في «الائتلاف الوطني» فالح الفياض في مؤتمر صحافي أمس إن التحالف اختار ب «التوافق» نوري المالكي مرشحه الى رئاسة الوزراء. ودعا الى استئناف جلسات البرلمان المتوقفة منذ شهور. وكان زعيم «المجلس الإسلامي الأعلى» (20 مقعداً) عمار الحكيم قلل من أهمية أي تقدم عددي يحققه طرف سياسي على الآخر في نطاق السباق الى السلطة بالقول إن «بلداً تعددياً ومحورياً كالعراق يضم كل هذا التنوع المذهبي والديني والقومي والسياسي والجغرافي والمناطقي لا يمكن أن يحكم بغالبية سياسية». وأكد قياديون في «حزب الفضيلة» مقاطعة الحزب اجتماع «التحالف» ومعارضتهم ترشيح المالكي ملتحقين بحزب الحكيم. ويواجه الحكيم وهو الزعيم الشيعي الشاب القادم الى السياسة بعباءة دينية تحدي انشقاق جناحه العسكري السابق «بدر» بقيادة هادي العامري. لكنه يستند الى مبدأ «التحالف الإجباري المتفق عليه محلياً وإقليمياً ودولياً» لتحويل الباقي من مقاعده النيابية (9 مقاعد) الى مصدر قوة. وما زال على المالكي نيل موافقة كتلتي «العراقية» و «التحالف الكردستاني» كي يستطيع تشكيل الحكومة، فيما أصبح مصير «الائتلاف الوطني» الذي يضم تحالف الصدر والحكيم غامضاً في ضوء الخلافات الأخيرة. وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني أكد ل «الحياة» وجود توافق إيراني – أميركي على دعم المالكي للمنصب. لكنه قال انه توافق غير منسق. ومع تغيير «تيار الصدر» موقفه من رئاسة الحكومة، من رفض قاطع للمالكي الى دعمه بعد تسريبات عن تلقيه استقالة مكتوبة من الأخير في حال «طارد أنصار التيار أو نكل بهم»، فان تيار علاوي أكد في بيان مضيه في مشروع بناء تحالف مع «المجلس الأعلى» والأكراد لتشكيل الحكومة وتلقيه إشارات تأييد من كتل أخرى، بينهم أعضاء في تحالف المالكي. ويراهن علاوي على أن تجاوز المالكي عقبة المعارضة الشيعية لا يعني بالضرورة تقدمه في السباق الفعلي الى السلطة في حال أصر المعارضون على مواقفهم. وعلى رغم أن حزب الحكيم يعد حليفاً تاريخياً لطهران خلال العقود الأربعة الماضية، إلا أن مفاوضات تشكيل الحكومة كشفت اتخاذه مسافة نسبية من طهران على خلفية تغير مستوى دعم الأخيرة لحزبه وتفضيلها المالكي على مرشحه عادل عبد المهدي. ويعتقد أن إيران لن تتخلى عن الحكيم على أي حال، وهي كما يؤكد مطلعون ستحاول الإفادة من المناوئين للمالكي ومؤيديه لضمان سياسة عراقية غير عدائية خلال السنوات الأربع المقبلة. واستبقت التطورات العراقية زيارة اليوم للرئيس السوري بشار الأسد طهران، وسيحتل الملف العراقي الحيز الأبرز فيها. وكان زعيم «القائمة العراقية» اياد علاوي قال من دمشق أخيراً انه وسط الرئيس السوري الذي تربط بلاده علاقات استراتيجية مع طهران بوقف التدخل الإيراني في قضية تشكيل الحكومة، مشيراً ضمناً الى التغير المفاجئ في موقف الصدر الذي عزاه الأخير الى ضغوط مورست عليه للقبول بالمالكي.