رجّح تقرير متخصص أن يؤدي ضبط الإنفاق الحكومي، وخصوصاً في جانب الإنفاق الرأسمالي، مقروناً بارتفاع أسعار النفط إلى مستويات أعلى مما كان متوقعاً، وكذلك تحسن الإيرادات غير النفطية، إلى أن يأتي عجز الموازنة لعامي 2016 و2017 أصغر مما كان مقدّراً. ووفق تقرير التطورات في الاقتصاد الكلي للمملكة خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، فإن ضبط الإنفاق سيؤثر سلباً في حجم الاستهلاك ومن ثم نشاط القطاع الخاص، ما يؤدي إلى خفض نمو الناتج الإجمالي للقطاع غير النفطي، مشيراً إلى أن شروع المملكة في برنامج إصدار سندات دين دولية سيحقق فائدة مزدوجة، تتمثل في حماية الاحتياطات المالية التي تتمتع بها المملكة حالياً، والتخفيف من الضغط على السيولة المحلية. وأوضح التقرير، أنه على رغم ارتفاع أسعار الطاقة المحلية في نهاية عام 2015، فإن التضخم ظل في مسار متباطئ، ويعود هذا الأمر إلى اعتقاد الشركة بتباطؤ الاستهلاك، كما بذلت الحكومة العديد من الجهود، إلى جانب إصدار سندات الدين الدولية، ما قاد إلى وقف الارتفاع المستمر في كلفة التمويل، وتمثل ذلك في الاستقرار الذي شهده أخيراً سعر الاقتراض بين البنوك السعودية. وأشار إلى أن تمتع المملكة بسجل ائتماني قوي واحتياطات ضخمة، بالتزامن مع معدلات فائدة منخفضة بدرجة نسبية، جعل كلفة تمويل السندات الصادرة أخيراً جاذبة، إذ جاءت السندات السعودية أعلى من سندات الخزانة الأميركية لأجل 5 و10 و30 سنة بفارق 135، 165 و210 نقطة أساس، على التوالي. وكانت عائدات سندات الخزانة الأميركية هبطت إلى النصف تقريباً خلال السنوات السبع الماضية، إذ تراجعت العائدات على السندات أجل 5 سنوات من 2,346 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) 2009 إلى 1,234 في أكتوبر 2016. كما تعتقد جدوى للاستثمار أن النتيجة التي ستكون أكثر إيجابية للأسعار هي التوصل إلى اتفاق داخل أوبك لخفض الإنتاج بالحد الأقصى إلى 32,5 مليون برميل في اليوم، يعقبه التزام صارم من الدول الأعضاء بعملية الخفض في الأشهر التي تلي الاجتماع مباشرة، وهذا الاتفاق قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار خام برنت إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل، ولكنه سيقود أيضاً إلى انتعاش إنتاج النفط الصخري الأميركي، وبالفعل زاد عدد منصات الحفر الأميركية بمستوى يعتبر الأكبر خلال عامين. وبحسب التقرير، فإن هناك مجموعة من القضايا يجب حلها حتى يمكن التوصل إلى أي نوع من الاتفاق داخل «أوبك» بشأن الخفض، أهمها معالجة قضية الدول التي سيتم استثناؤها من الخفض، في حال كان هناك استثناء، إذ تسعى كل من نيجيريا وليبيا وإيران والعراق إلى الحصول على الاستثناء. ويتمثل التحدي الرئيس ل«أوبك» خلال الأسابيع المقبلة في استيعاب استثناءات جميع أو بعض تلك الدول المشار إليها، ولكن في الوقت نفسه ضمان خفض إنتاج الدول الأعضاء الأخرى بكمية تعادل أو تفوق الإنتاج المستثنى. والبديل الآخر، هو أن تلجأ «أوبك» إلى رفع سقف الإنتاج المستهدف بين 32,5 و33 مليون برميل يومياً تحسباً للإنتاج الإضافي القادم من جميع تلك الدول الأربع، ولكن هذه الزيادة في المقابل ستقلل من تأثير الخفض المقترح على السوق. وحول احتمال ارتفاع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، قال التقرير إنه لن يكون له تأثير كبير في إضعاف السيولة المحلية، وبخاصة مع اتخاذ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أخيراً العديد من الإجراءات لتعزيز السيولة في النظام المالي المحلي، إذ أعلنت في أيلول (سبتمبر) أنها ستطرح سعراً جديداً لإعادة الشراء (الريبو) لأجل ثلاثة أشهر، وستخفض حجم الإصدار الأسبوعي للأذونات إلى ثلاثة بلايين ريال، بدلاً من تسعة بلايين سابقاً. ويتوقع خلال الأشهر المقبلة أن تتضمن الإجراءات الجديدة من «ساما» تعديل الطريقة التي يحسب بها سعر الاقتراض بين البنوك السعودية (سايبور)، بحيث يعكس بطريقة أفضل بيئة التمويل الفعلية. ويبدو أن تلك التغييرات المشار إليها، إضافة إلى إصدار سندات دين دولية واستئناف الحكومة دفع استحقاقات المقاولين، أسهمت في وقف الارتفاع في كلفة التمويل، إذ بدأ سعر الاقتراض بين البنوك السعودية (سايبور) في التراجع، كما أن عرض النقود الشامل تحوّل إلى الخانة الإيجابية للمرة الأولى خلال عام 2016.