اعترف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بموافقة بلاده على تحليق طائرات أميركية من دون طيار على الحدود مع ليبيا، بهدف تبادل المعلومات الاستخباراتية والتصدي لهجمات محتملة، فيما بدأ محامو تونس إضراباً عاماً أمس للاحتجاج على إجراءات ضريبية أقرتها الحكومة بحقهم. وقال السبسي في حوار تلفزيوني أجراه مساء أول من أمس، إن بلاده وافقت على تحليق طائرات أميركية من دون طيار على الحدود مع ليبيا بهدف تبادل المعلومات الاستخباراتية للتصدي لأي تسلل محتمل لإرهابيين وتفادي هجوم كبير مماثل للهجوم الذي شنّه مئات المتشددين على بلدة بن قردان الحدودية في وقت سابق هذا العام. وأوضح السبسي أن «الطائرات الأميركية تنطلق من تونس للقيام بمهام استطلاع في ليبيا ولا تقوم بأي مهام قتالية ضد تنظيم داعش في تونس». وتُعد هذه التصريحات بمثابة أول اعتراف بوجود طائرات أميركية في تونس بعد نفي وزراء هذه المعلومات سابقاً. واعتبر السبسي أن وجود جنود وطائرات استطلاع أميركية أمر مفيد لتونس التي تحارب الإرهاب، نافياً وجود قاعدة أميركية على الأراضي التونسية. وقال: «هناك 70 عسكرياً أميركياً يدربون الجنود التونسيين على استخدام الطائرات من دون طيار، لأن لا خبرة لنا بهذه التجهيزات وتونس ستحصل على هذه الطائرات». وكانت صحيفة «واشنطن بوست» نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن طائرات من دون طيار تنطلق من تونس منذ أواخر حزيران (يونيو) الماضي وهي الآن جزء من هجوم أميركي لدعم القوات الليبية التي تقاتل لطرد مسلحي «داعش» من مدينة سرت التي تُعدّ أحد أهم معاقل «داعش» في ليبيا. وشدد السبسي على أن تحليق الطائرات الأميركية انطلاقاً من تونس «كان بطلب منا»، مبيناً أن «هذه الطائرات غير المجهزة عسكرياً تقتصر مهمتها فقط على تنفيذ عمليات استخبارات، مضيفاً: «اتفاقنا هو أننا نتقاسم المعلومات الاستخباراتية أيضاً». وتتعاون تونس مع كل من بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة لدعم الوجود الأمني على الحدود الجنوبية مع ليبيا، وتجهيز النقاط الحدودية بمنظومة مراقبة الكترونية للتصدي لتسلل المقاتلين وتهريب الأسلحة إلى الأراضي التونسية. وتعرضت تونس في آذار (مارس) الماضي لهجوم مسلح غير مسبوق استهدف مدينة «بن قردان» (جنوب شرق) الحدودية مع ليبيا تم إحباطه بسرعة، ما أسفر عن مقتل عشرات المسلحين الموالين لتنظيم «داعش»، واكتُشفت مخازن أسلحة وذخيرة كانت المجموعات المسلحة تنوي استخدامها في هجمات ضد تونس. وفي خصوص تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في بلاده، صرح السبسي بأنه «على يقين بإيجاد صيغة تفاهم مع الاتحاد لأنه دون اتفاق ستكون تونس هي الخاسر الوحيد»، وذلك في إشارة الى الانقسام في خصوص مشروع قانون الموازنة الذي اقترحته الحكومة والذي تضمن إجراءات ضريبية وتقشفية جديدة. في سياق متصل، بدأ آلاف المحامين التونسيين أمس، إضراباً عاماً هو الثاني خلال شهر للاحتجاج على مشروع قانون جديد يفرض عليهم ضرائب جديدة، وذلك في تصعيد للضغوط على حكومة يوسف الشاهد التي تستعد لتنظيم مؤتمر الاستثمار نهاية الشهر الجاري. وتجمع مئات المحامين أمام مبنى البرلمان أثناء مناقشة مشروع قانون الموازنة، ورفعوا شعارات ضد الحكومة تنادي بإسقاط الفصول التي تنص على فرض ضرائب عليهم، واستقبل رئيس البرلمان والكتل النيابية الرئيسية وفداً عن المحامين المحتجين. وتضمن مشروع قانون الموازنة للعام 2017 الذي صادقت عليه الحكومة منذ شهرين ضرائب جديدة على الشركات والمحامين والأطباء وأصحاب المهن الحرة، إضافة إلى تأجيل صرف زيادات رواتب الموظفين ورفع أسعار الكهرباء ما خلق أزمة اجتماعية أمام الحكومة التي تولت مقاليد الحكم منذ شهرين تقريباً. وهددت الهيئة الوطنية للمحامين (نقابة المحامين) بتصعيد احتجاجها وتحويله إلى إضراب مفتوح في حال تم المضي قدماً بتنفيذ القانون الذي وصفته بأنه «انتقائي وظالم». كذلك، يرفض الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) قرار الحكومة بتأجيل زيادة رواتب موظفي القطاع العام، معتبراً أن تأجيل صرف الزيادات هو «إجراء مفتعل ذو خلفيات سياسية من شأنه أن يضرب الاستقرار الاجتماعي ويزعزع الأوضاع في البلاد ويزيد من تأزمها». وتتخوف الحكومة من تدهور الوضع الاجتماعي، في ظل استعدادها لتنظيم المؤتمر الدولي للاستثمار الهادف الى جذب مستثمرين أجانب ويشارك فيه مسؤولون من 70 دولة، إضافة الى شركات استثمارية استجابةً لدعوة الحكومة التونسية لدعم جهودها في إنقاذ اقتصادها المتردي.