الازدحام الشبابي الذي شهده فندق «الريفييرا» في بيروت، على مدى يومين لم يكن مجرد ديكور يضاف الى مشهد الحراك الشبابي الخجول على المستوى العربي بشكل عام. هنا حضر سفراء شباب، بكامل جاهزيتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية للانخراط في مشروع يرون فيه نافذة أمل لتفعيل دورهم، ليس فقط في بلدانهم، إنما أيضاً على كامل مساحة العالم العربي. فبعد تعيين مؤسسة الفكر العربي مجموعة من السفراء الشباب من مختلف الدول العربية للتعريف بأهداف المؤسسة، أقامت المؤسسة ورشة تدريبية لتطوير مهارات سفرائها وتهيئة هذه النخبة الشبابية لتشكيّل همزة وصل مع أكبر شريحة ممكنة من أبناء جيلهم، وتكوين نموذج من الشباب العربي المثقف الراغب في المشاركة بمشروع التغيير. تركّز برنامج عمل الملتقى على تدريب السفراء على اتقان وسائل التعريف بالمؤسسة على يد عدد من الاختصاصيين المتمرّسين في مجال التدريب على الظهور الإعلامي وتزويدهم بالمعلومات الوافية عن معايير الإطلالة الإعلامية الناجحة والقدرة على تحفيز الرأي العام واستقطابه. يذكر أن السفراء الذين تم تعيينهم سيمثلون المؤسسة خلال عام واحد قابل للتجديد مرة واحدة فقط، على أن يقوم كل سفير بترشيح ثلاثة أشخاص لخلافته، وأن يكون طوال الفترة المذكورة مسؤولاً أمام مؤسسة الفكر العربي، وملتزماً توجيهات القائمين عليها. واختارت المؤسسة سفراءها وفقاً لمعايير عالية من الكفاءة والخبرة والانخراط الاجتماعي، منها أن يكون السفير في عمر الشباب، ناشطاً في مجتمعه، مثقفاً وخلوقاً يتقن اللغة العربية ليس له انتماء حزبي أو طائفي أو عشائري، ولا صاحب سوابق جنائية أو أخلاقية. كما شددت المؤسسة في شروطها على أن يكون للسفير شخصية قيادية وقدرة على تطوير الذات، ويتمتع بكفاءة عالية في إدارة الوقت، ومستعد للعمل التطوعي، وصاحب خبرة في تنظيم اللقاءات والعمل المدني والمؤسساتي غير الربحي. «الحياة» التقت عدداً من سفراء شباب الفكر وسلّطت الضوء على إنجازاتهم في بداية مسيرتهم الشبابية وعلى دورهم في إغناء لغة التفاعل بين شباب العالم العربي. سمر المزغني (22 سنة) كاتبة تونسية سُجلت مرتين في كتاب غينيس للأرقام القياسية كأصغر كاتبة قصة قصيرة في العالم لعام 2000 والكاتبة الغزيرة الإنتاج الأصغر في العالم لعام 2002 حيث تجاوز إنتاجها المئة قصة قصيرة للأطفال. نشرت سمر 14 كتاباً وساهمت في كتابة إصدارات أخرى فضلاً عن أن 17 من قصصها تحولت إلى مسلسل تلفزيوني للأطفال أنتج في القاهرة. كرّمت مؤسسة الفكر العربي سمر عام 2004 خلال جائزة الإبداع واختيرت أول شابة عربية تشارك وتتكلم في تاريخ القمم العربية وذلك في القمة العربية الاقتصادية في الكويت. وهي عضو في العديد من المنظمات العربية والدولية وقد اختيرت أنشط شابة في المؤتمر العالمي للشباب في كندا وصنفتها مجلة Arabian business في قائمة أهم الشباب القياديين في العالم العربي. سمر هي ضمن الهيئة الاستشارية لمؤسسة الفكر العربي، التي تضمّ أربعة سفراء شباب. وتقول: « دور السفير هو التعريف بالمؤسسة وأهدافها وإيصال رسالة الى الشارع العربي وبخاصة الشباب». وتوضح: «السنة الشبابية ستنطلق في بداية السنة، ومنذ أعلنت أسماء السفراء الشباب ونحن في فترة تحضيرية ومن خلال هذا اللقاء خضعنا لدورات تدريبية لصقل مهاراتنا، مع العلم ان مؤسسة الفكر العربي فتحت لنا الأبواب لنعطي ما لدينا بطريقة مغايرة في النظر الى القضايا والمسائل». وعن مدى تأثير هذه النشاطات في عالمنا العربي تقول سمر: «هناك قسمان من الشباب في العالم العربي: الأول غير مبال بقضايا جيله والتنمية الاجتماعية ويتحمّس لمن سيفوز بكرة القدم فقط. والثاني نخبوي يحاول ان يحقق تقدماً على مستوى التنمية الاجتماعية في بلده ويحاول ان يجذب الفئات الأخرى. نحن هنا للعمل يداً واحدة، وليس ضمن حلقة ضيقة». عمل بندر المطلق (27 سنة) من السعودية على تدشين مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية وقبله ضمن فريق مجلس جدة للتسويق القائم على تسويق مدينة جدة. وأخيراً تطوع للإعداد لحاضنات فكرية وبيئة تطويرية لتفعيل الفكر الإبداعي ومخرجاته لإثراء المحتوى العربي عبر «تيد» بالعربية TEDx Arabia ونادي مطوّري «الفايسبوك» في السعودية حيث عمل على تحفيز ترجمة وتعريب «الفايسبوك» وترجمة محاضرات «تيد» للعربية لنقل المعرفة في مجالات عدة وتحفيز البيئة الإبداعية والفكرية والإعداد لمناسبات مماثلة للعناية بالأفكار التي تستحق الانتشار. يقول بندر ان تعيينه سفيراً سيسمح له «بصقل الكثير من أفكاره فضلاً عن إغناء لغة التواصل مع الآخرين». ويضيف: «المستقبل هو للشباب وغياب النموذج والقدوة في مجتمعاتنا يحفّزنا أكثر على الحراك الفكري والمجتمعي». يدرك بندر أن المهمة الملقاة على عاتقه ستفتح أمامه آفاق التفاعل مع شريحة كبرى من الشباب العربي «وهنا فإن العمل كفريق سيسمح بتحقيق نتائج ملموسة بوجود مؤسسة كمؤسسة الفكر العربي تسعى لإغناء صورة الشباب العربي المثقف». ويقول: «هناك تحديات كبيرة أمامنا بسبب الضوابط والقيود والسياسات المتبعة، البعض يرى عملنا نوعاً من الرفاهية، لكن هذا اعتقاد خاطئ لأن عملنا ليس تطوعاً ونحن في صلب ورشة شبابية حقيقية». رغدا محمد من مصر (26 سنة)، كانت عضواً في مبادرة «أصوات شابة مصرية»، وهي مبادرة البنك الدولي التي يقودها الشباب ومثلت المجموعة في مؤتمر الشباب والتنمية والسلام في سراييفو 2004. وهي متطوعة في بعض المنظمات غير الحكومية المحلية وشاركت في مؤتمرات المحاكاة الدولية التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية بهدف مناقشة القضايا الدولية. كما اختيرت أفضل ممثل لدولة والأكثر بلاغة. مثلت بلادها في العديد من المؤتمرات في بيروت، والبرتغال وإيطاليا في 2009 - 2010. وأجرت أبحاثاً جماعية عن دور الإعلام في تشكيل تفكير الشباب. تعاطت رغدا بانفتاح كبير مع معرفتها بوجود مؤسسة كمؤسسة الفكر تعنى بقضايا الشباب العربي. قضيتها هي الثقافة العربية ونشر الفكر العربي «فشبابنا يشعر بالخزي أحياناً لأنه عربي وهذا يقود البعض الى التماثل بالتجارب الغربية. هناك الكثير لنفتخر به ويجب تنمية هذا الإحساس، ولا بد من التفتيش عند الشاب العربي عن أمور تجعله مميزاً وصورة للآخرين». والواقع أن المهمات الملقاة على عاتق سفراء شباب الفكر هي سلاح ذو حدّين. وتقول رغدا: «لدينا فرصة كبيرة للالتقاء مع مجموعات من المثقفين ورجال الأعمال وأصحاب الاختصاص، إذا استخدمنا بفعالية كل ما يتوافر بين ايدينا وتكلّمنا مع الشباب وجهاً لوجه وليس فقط من خلال المؤتمرات والمناسبات، فإن ذلك من شأنه أن يحدث خرقاً على صعيد ترسيخ هوية الشباب العربي، في حين ان تشتّت الجهود قد يبعدنا عن الأهداف التي نصبو اليها». وتوضح رغدا ان القضية التي ستعمل عليها هي العلاقة بين الإعلام وتشكيل الفكر الشبابي. ميليا عيدموني (26 سنة) من سورية متخصصة في مجال الصحافة الإلكترونية وتبحث بشكل مستمر عن وسائل وأدوات لتطوير قدراتها من أجل الارتقاء بالمجتمع المحلي والوضع الحالي للشباب والشابات على الصعيد الاجتماعي والثقافي والريادي. شاركت في العديد من الدورات التي تعنى بالشباب والنشاطات النسائية الشابة، بالإضافة إلى الدورات التدريبية الخاصة بمجال الصحافة الإلكترونية. وهي عضو في لجنة وزارة الإعلام للخطة الوطنية لقضايا الإعاقة. وتسعى حالياً لنقل التجربة والخبرة في هذا الموضوع لأكبر عدد من الصحافيين في كل المحافظات السورية. ترى عيدموني «ان أهداف المؤسسة تنسجم مع تطلعاتها» وهي «تسعى لنشر الثقافة العربية من خلال الإعلام». وتقول: «ما يهمني تحديداً هو حقوق المرأة وقضايا الشباب وإشراكهم في دورة المجتمع. الشباب في حاجة الى دفع كبير ليثيروا قضاياهم في العلن، وبوجود هذا النوع من المؤسسات سنسلّط الضوء أكثر على مشاريعهم ونشاطاتهم». عبد المحسن عجمي (27 سنة) من الكويت، حاصل على ماجستير في التمويل الإسلامي. وهو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «وسم ميديا»، أول شركة متخصصة في الإعلام المجتمعي والتفاعلي في منطقة الخليج. ناشط مدني وعضو في العديد من الجمعيات الشبابية والمهنية ومؤسسات المجتمع المدني. ومؤسس لعدد من المشاريع المتعلقة بالشباب وحقوق المعوقين وتمكين المرأة والتغيير الاجتماعي في الكويت والشرق الأوسط. كسفير، يقول عبد المحسن، «سأسعى للتعريف بالمؤسسة داخل بلدي الكويت والتواصل مع المنظمات الشبابية والأهلية وشبه الحكومية، فضلاً عن تنظيم نشاطات شبابية وبناء قاعدة من الشباب المهتمين بالاطلاع على نشاطات المؤسسة، ما يمهد لهم الطريق للمشاركة في المؤتمرات والندوات التي تعقدها هذه المؤسسة». علي شرفي (26 سنة) من البحرين. أسّس جمعية شبابية أطلق عليها اسم «جمعية البحرين الشبابية» استطاعت أن تستقطب الكثير من الشباب الطموحين الذين أثبتوا وجودهم من خلال نشاطاتها وفعالياتها الاجتماعية والثقافية. بعد ذلك عمل على تأسيس الكثير من المواقع الإلكترونية والفرق الشبابية لخدمة الشباب والوطن ومنها موقع إلكتروني يحمل اسم «منتديات البحرين الشبابية». انطلاقاً من المؤتمرات العربية التي شارك فيها، تبلورت لديه فكرة تأسيس أول تجمع شبابي عربي ثقافي اجتماعي «جمعية الشباب العربي» على أن يكون مقرها البحرين وقد تم تأسيسها عام 2008 بمشاركة مجموعة طموحة من الشباب العربي».