مجسّمات تحضّ على الحركة، على الجري، على الاستمتاع بالحياة وطلاقتها، «نشرتها» جمعية «بيروت ماراثون» المنظّمة للسباق الدولي المقررة نسخته ال14 اليوم، على طول مسار المنافسة في مناطق عدة من العاصمة اللبنانية. هي أعمال فنية بأفكار مبتكرة استخدمت فيها مواد «غير مألوفة»، إذ حوّلت نفايات ملوّثة للبيئة، من واقع أيامنا، إلى منجزات إيجابية. مئات العبوات الفارغة من خرطوش الصيد جمعت من أحراج وبساتين، وأخرى لمشروبات غازية وأقفاص بلاستيكية، شكّلت بها أحرف كلمة «أركض» بالإنكليزية. كما جهّزت «محطة» لشحن الهواتف الخليوي بالطاقة، هي كناية عن منصة أعدّت من أخشاب مهملة وركّب عليها لوح شمسي، فضلاً عن «ابتكار» حديقة مصغّرة. هكذا ينبض سباق ماراثون بيروت، المحطة السنوية الرياضية – الاجتماعية، بحياة زاهية، ويبث رسائل تفاؤل وسلام على حدّ تعبير رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى البطل الأولمبي السابق لورد سيباستيان كو، ضيف شرف الحدث، الذي أعلن أن هذا السباق الفتي يتميّز عن منافسات عريقة ب «نبض السلام» وتجاوزه للتحديات، ببصمة واضحة في كل مكان. كو قدِم إلى بيروت برفقة الرئيس السابق لماراثون لندن دايفيد برادفورد (العداء السابق وصاحب أرقام قياسية للمسافات الطويلة)، ليطلع عن كثب على عمل الجمعية المنظّمة برئاسة مي الخليل، الطامحة «عبر الرياضة إلى التغيير من واقع بلدنا نحو الأفضل»، وقوة الشغف التي تقودها، وعقد مؤتمراً صحافياً أمس كما شارك مع شخصيات وعدائين محترفين في «احتفالية الافتتاح»، وهو تقليد متبع في الدول المنظمة لسباقات الماراثون يهدف إلى إبراز الوجه الحضاري والتراثي للبلدان المشاركة. وأعلن كو أنه سيشارك اليوم في سباق ال7 كلم، مؤكّداً أن خطة التطوير في الاتحاد الدولي الذي يضم 214 بلداً، تتضمّن تعزيز سباقات الطرق لانعكاسها إيجاباً على منافسات المضمار والميدان، معتبراً أن فعاليات «ماراثون بيروت» ملهمة في هذا المجال، وقوة دفع كبيرة. ولم تقتصر زيارة كو، وهي الثانية للبنان بعد الأولى عام 1998 بمهمة سياسية من خلال منصبه في بريطانيا، على الجانب الرياضي، وزار بروتوكولياً ووفد من المنظمين الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي قدّمت له الخليل قميص السباق الرقم 3 ودعته للمشاركة اليوم. وعلّق كو والوفد المرافق على صدورهم زهرة الخشاش الحمراء في ذكرى ضحايا الحربين العالميتين، وزاروا مدافن جنود بلدان الكومنولث في حرج بيروت، حيت نظّمت مراسم للمناسبة. وتحمل النسخة ال14 من السباق شعاراً تحفيزياً بمعانٍ عدة هو «منركض لبعيد»، وبلغ عدد المشاركين فيه رقماً قياسياً (47288 مشاركة ومشاركاً من 99 بلداً). وسيكون الانطلاق من الواجهة البحرية لبيروت، ونقطة الوصول في ساحة الشهداء. وأضيف سباق جديد لمسافة 7 كيلومترات بدلاً من 10، واستحدث سباق نصف الماراثون (21.1 كلم) لأجل من لا يستطيع جري مسافات طويلة، ما قد يساعده لاحقاً على خوض سباق الماراثون الكلاسيكي (42.195 كلم)، فضلاً عن سباقات للمعوقين. وفي طليعة المشاركين في السباق البالغة كلفته التنظيمية 1.2 مليون دولار وجوائزه المالية 150 ألف دولار والذي يحمل التصنيف الفضي، 37 عداءة وعداء من المحترفين. وعموماً، أضحت المناسبة معلماً لتعزيز المساحات المشتركة والتفاعل، ورمزاً للبيئة الصحية الصحيحة، ومحوراً اجتماعياً مؤثراً على فئات عدة من خلال دعم قضايا وبرامج ملحة، نظراً إلى أن ربع المبلغ المحصّل من رسوم الاشتراك يُقتطع لحساب جمعيات خيرية وأنشطة مدنية، ويبلغ عددها هذه السنة 154 جمعية وقعّت وثيقة تفاهم مع الجهة المنظمة. وللسنة الثانية سيعتمد برنامج خاص للحفاظ على النظافة عبر تدوير مخلّفات المتسابقين. كما وفّرت الجمعية 11 كرسياً للمحترفين من ذوي الحاجات الخاصة الذين ارتفع عددهم في شكل كبير. ويلقى برنامج جمع أحذية رياضية للتبرّع بها للمحتاجين من المشاركين نجاحاً لافتاً. وينخرط في المنافسة ضمن برنامج خاص 30 رئيس بعثة ديبلوماسية. ووفّر المنظمون برنامجاً تدريبياً ل130 عداءة وعداء بإشراف 7 مدربين متطوّعين لمساعدتهم على اجتياز مسافة 42 كلم، وذلك في إطار خطة هادفة إلى رفع عدد المشاركين على هذه المسافة إلى 5 آلاف عداء في عام 2020.