ناقشت الإعلامية السعودية إيمان الحمود كتاب «أمراؤنا الأعزاء هل هم فعلاً أصدقاؤنا»، والذي ألفه الصحافيان الفرنسيان كرستيان شينو وجورج مالبرونو، وذلك في حلقة نقاشية نظمها مركز المسبار للبحوث والدراسات في إمارة دبي. ويكتسب الكتاب الصادر حديثاً عن دار «ميشيل لافون» أهمية خاصة في مادته وتوقيته. إذ يتزامن صدوره مع اقتراب موعد الانتخابات الفرنسية، والتي سيكون ملف الإرهاب الذي يناقشه الكتاب أحد أهم الملفات التي ستؤثر في نتيجة السباق. كما سيناقش الكتاب تورط بعض السياسيين في قضايا فساد مالي، ما سيقلل أو يعزز حظوظ بعض الأحزاب في المسيرة الانتخابية. استهلت الحمود الجلسة بقراءة في عنوان الكتاب، والذي وصفته بأنه يحمل سخرية وإطراء في الوقت ذاته للعلاقة بين دول الخليج المعنية بالبحث وفرنسا. فهو يكشف عن أن ساسة الخليج هم أعزاء وقريبون، لكن يتساءل أيضاً عن حقيقة صداقتهم لفرنسا، مشيرة إلى ما يتمتع له مؤلفا الكتاب من «صدقية كبيرة لدى المتلقي»، بسبب «حيادهما الصحافي الكبير». انتقلت الحمود بعد ذلك إلى موضوع الكتاب والذي يناقش علاقة فرنسا بأربع دول خليجية، وهي السعودية والإمارات وقطر والكويت. إذ يسبر المؤلفان أغوار هذه العلاقة بجهد صحافي استقصائي مميز، مشيرة إلى أن الكتاب واجه تعثراً في نشره لفترة طويلة، بسبب تأخر تأشيرة أحد الكاتبين «جورج مالبرونو»، على رغم محاولاته المتكررة في الحصول عليها، إلا أن توجه السفير السعودي الجديد خالد العنقري للانفتاح على الإعلام الفرنسي ساعد في تسهيل زيارة مالبرونو إلى المملكة. أهم الأسئلة التي طرحت في الكتاب كانت محل توقف الحمود، والتي كان أبرزها: هل تمول دول الخليج الإرهاب؟ وما هو دورها في تنامي الفكر المتطرف في فرنسا؟ وما هي العلاقة التي تربط تلك الدول بمسلمي فرنسا؟ وهل تحتاج فرنسا - كما يردد بعض السياسيين - إلى إعادة النظر في علاقتها مع تلك الدول؟ وصولاً إلى السؤال الأكثر إثارة: هل يمكن أن نعتبر أمراء الخليج أصدقاءنا بالفعل؟ وحول تمويل المملكة للمؤسسات الإسلامية، ذكرت المحاضرة أن التمويل السعودي - بحسب الكتاب - ينحصر في ثلاثة قوالب: التمويل الحكومي، والتمويل الحكومي الخاص، أي الذي يتم عبر جمعيات بمعرفة الحكومة، والتمويل الخاص من أفراد متبرعين. وذكرت قصة تكشف عن أن بعض المعلومات التي تتناقلها وسائل الإعلام غير دقيقة بالضرورة. فمثلاً توجه الكاتبان إلى السفير السعودي بسؤال حول هدف المملكة من تمويل مسجد مدينة «نيس»، ففوجئا بنفي السفير العنقري لوجود أي دعم رسمي لذلك المسجد، وأن الداعم له هو مسؤول سعودي تبرع ببناء المسجد من أمواله الخاصة وبشكل فردي لا علاقة للحكومة به. وأشار الكتاب إلى أن السعودية تمول فقط ثمانية مساجد في باريس بشكل رسمي ومصرح به من الحكومة الفرنسية. الصحافيان وفي معرض بحثهما يشيران في الكتاب إلى أن الجامعات السعودية تتغاضى عن شرط الحصول على موافقة السفارة الفرنسية للطلاب بالدراسة في المملكة، كما يشيران إلى وجود مجتمع فرنسي يعيش في السعودية، وتحديداً في «المدينةالمنورة». ويبلغ عدد الفرنسيين في هذا المجتمع قرابة 493 شخصاً، يرون أنفسهم مهاجرين وأهل المدينة هم الأنصار، ما هيأ لهم الدعم والتكافل وتسهيل معيشتهم. وذكرت الباحثة أن بعضاً من هؤلاء «المهاجرين» يعيشون في السعودية منذ سبعينات القرن الماضي. وتحت عنوان: «هل يمول الأمراء الإرهاب»، تحدثت الحمود عما ورد في الكتاب بخصوص هذا التساؤل، وأشارت إلى أن الكاتبين أكدا أن «السعودية تعتبر الأكثر جدية في محاربة تمويل المتطرفين». فالسعودية وعكس الصورة النمطية المرسومة عنها في الغرب، لاسيما في فرنسا، أسهمت وبشكل كبير في مكافحة الإرهاب وقطع الطريق أمام عمليات التمويل، خصوصاً بعد أحداث «11سبتمبر». الإمارات وبحسب الكتاب، هي «الدولة المثالية في الشراكة للحرب ضد الإرهاب»، فهي «تدعم الدين في المسجد للعبادة فقط». الإعلامية إيمان الحمود وفي ختام جلسة النقاش أشارت إلى التوصيات التي توصل إليها الباحثان، والتي تتضمن أن «تظل هذه الدول الخليجية الأربع شركاء استراتيجيين لفرنسا من دون أن تشتريها. فالمشاريع والعقود الضخمة الموقعة بين الطرفين تعود بالمنفعة على الجميع، وأن المهم هو ألا تقع فرنسا في أيدي المتطرفين». وفي ما يتعلق بالسعودية، أوصى الباحثان بضرورة أن تبنى العلاقة بينها وبين فرنسا على مزيد من الشفافية والمكاشفة، وأكد الباحثان ضرورة ألا يتم تحميل السعودية مسؤولية دعم الإرهاب، فهي أكثر من يعاني منه. وفي ما يخص العلاقة بقطر، أكد الكتاب ضرورة أن تبتعد الدوحة عن لعبة الخطاب المزدوج، وعن سياستها الناعمة في التعامل مع مؤسساتها الخيرية.