دخل لبنان مرحلة الاختبار الأول لقدرة الفرقاء اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد له، في جلسة نيابية دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري الأربعاء المقبل في 23 الشهر الجاري، في وقت يشهد الأسبوعان المقبلان اختباراً جديداً للبرلمان والحكومة والهيئات النقابية حول سلسلة الرتب والرواتب التي تأجل إقرارها كي تدرس أرقامها لجنة مختلطة من النواب والوزراء والاختصاصيين لتقدم تقريرها الى المجلس النيابي خلال 15 يوماً بدأ احتسابها منذ أول من أمس الثلثاء. وشهد يوم أمس تحركاً احتجاجياً آخر على تأجيل إقرار السلسلة، من قبل موظفي القطاع العام الذين امتنعوا عن العمل داخل مكاتبهم، فيما نفذ أساتذة التعليم الرسمي إضراباً عن العمل وتفاوتت الاستجابة للإضراب في المدارس الخاصة. (راجع ص 7) ونفذت هيئة التنسيق النقابية اعتصاماً مركزياً في وزارة التربية، واجتمعت مع وزير التربية إلياس بوصعب الذي أعلن تفهمه نيتها اللجوء الى التصعيد والإضراب المفتوح والامتناع عن تصحيح الامتحانات الرسمية، وأكد أحقية مطالب الهيئة. وقال عضو هيئة التنسيق حنا غريب إنها ستدعو الى الإضراب والتظاهر في 29 الجاري إذا لم تقر السلسلة، داعياً اللجنة المختلطة التي شكّلها البرلمان الى التعمق في السلسلة الى أن تبرهن على جديتها، رافضاً تقسيط مكتسبات السلسلة وإلغاء المنحة المدرسية للمعلمين وإزالة درجات ترفيع لهم، كما ورد في بعض الإصلاحات التي اقترحتها اللجان النيابية. وقال غريب إن الأساتذة سيواصلون تحركهم الاحتجاجي حتى أيام عطلة عيد الفصح. وتزامنت دعوة بري البرلمان الى جلسة لانتخاب الرئيس الجديد مع إعلان المرشح الوحيد الذي جاهر بترشحه، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، برنامجه الرئاسي في مؤتمر صحافي حاشد، حضره ممثلون عن أقطاب قوى «14 آذار» وأحزابها وعدد كبير من نواب كتلة «المستقبل»، فضلاً عن حضور النائب ميشال موسى ممثلاً الرئيس بري. وأطلق جعجع برنامجه الرئاسي تحت شعار «الجمهورية القوية»، ملتزماً بتطبيق الدستور. وأكد أن موقع الرئاسة لا يزال يتمتع بعد اتفاق الطائف بصلاحيات مهمة وأن الدولة لا تحتمل من يقاسمها السلطة والقرار وأن الكيان لا يحتمل ما يخل بتوازناته. وإذ اعتبر أن «شعار الوسطية» تحوّل الى «رمادية مميتة والواقعية السياسية تحولت الى خضوع واستسلام»، أكد ثوابت شكلت جوهر «إعلان بعبدا» ومذكرة البطريركية المارونية الوطنية، هي: استقلال لبنان في ظل دولة تفرض سيادتها بمؤسساتها الشرعية حصراً، التزام الدستور وتطبيقه من دون استنساب أو فئوية تحت أي مبرر، وحياد لبنان مع التضامن مع العالمين العربي والدولي وقضية فلسطين. وفيما تمسك باتفاق الطائف مع سد ثغرات فيه لجهة عمل رئاسة الجمهورية وإعداد قانون انتخاب عصري، أكد تثبيت منطق الدولة، ولذلك لا تهاون في حصرية السلاح بيدها. وتضمن البرنامج إصلاح القضاء، داعياً الى تنقية عمل بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تحتفظ برواسب عهد الوصاية. وقال جعجع إن الإصلاح الاقتصادي يحتاج لإصلاح سياسي، بعودة هيبة الدولة وإعادة الأمن والاستقرار وانتظام المؤسسات الدستورية. وتبنى مشروع الرئيس ميشال سليمان حول اللامركزية الإدارية، وتناول ضبط الموارد. وقال: «لن أبقي على رزق سائب في الجمهورية». وأيد جعجع «الربيع العربي» ودان الأصوليات على أنواعها كوجه آخر للاستبداد، معتبراً أن الأوضاع في سورية لن تستقيم إلا بنظام جديد يرتكز الى الديموقراطية. وأكد دعم السلطة الفلسطينية في سعيها لحل نهائي وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ورفض التوطين. وأيد تطبيق القرارات الدولية، لا سيما 1559، 1680 (المحكمة الدولية) و1701. وفيما قال جعجع إنه لن يقبل مصادرة قرار الدولة في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية وفي الحرب والسلم، قال: «أنا من الذين أخذتهم الحرب إليها فواجهنا الاحتلال والوصاية حتى الموت والاعتقال، ودافع أخوة لنا عن الجنوب حيث وُلدوا وعاشوا حتى الموت والاعتقال في سجون إسرائيل واستعادوا الحرية»، في إشارة الى مقاومة «حزب الله». وكان بري اتصل فور دعوته البرلمان الى انتخاب الرئيس الأربعاء المقبل بالبطريرك الماروني بشارة الراعي وأبلغه موعد الجلسة، خصوصاً أن الأخير كان يناشده على الدوام تحديد موعد لجلسة من أجل أن ينتخب النواب رئيساً. كما «حاول بري الاتصال برئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة تمام سلام لإبلاغهما موعد الجلسة، لكنهما كانا في مجلس الوزراء فتقرر إرسال برقية لهما في هذا الخصوص». وأشار نواب التقوا بري الى أن الدعوة جاءت لتؤكد أن «لا تأثير لتأجيل سلسلة الرتب والرواتب على الملف الرئاسي». وقالوا إنه «جرت إيضاحات قانونية لناحية انتخاب الرئيس»، وأكدوا أن تحديد جلسة الانتخاب لن يكون له تأثير في التشريع الذي يبقى جائزاً حتى 15 أيار (مايو)، أي الى ما قبل الأيام العشرة الأخيرة من ولاية رئيس الجمهورية التي تنتهي في 25 أيار المقبل. وأكد بري وفق ما نقل عنه النواب أن «الجو لم يكن مفاجئاً في الجلسة التشريعية (أول من) أمس حول سلسلة الرتب والرواتب، بل كان المفاجئ الالتفاف عليها»، لافتاً الى أن «القصة ليست إقرار السلسلة أو لا، بل الفرصة كانت متاحة لإقرار الإصلاحات». وكانت كتلة بري النيابية ونواب «حزب الله» وقوى «8 آذار» صوّتوا ضد تأجيل إقرار السلسلة من أجر دراستها في إطار اللجنة المختلطة، والتي قال مصدر فيها إن أعضاءها تداعوا الى اجتماع يعقد في الساعات المقبلة لتحديد آلية عملها. وأوضح مصدر في اللجنة أن عملها سيرتكز الى تحديد قدرات الاقتصاد اللبناني والخزينة والواردات التي يمكن تأمينها وتحقيق المساواة والعدالة بين أسلاك عدة تطاولها السلسلة، لكي تبنى السلسلة على هذا الأساس. وعلى صعيد جلسة انتخاب الرئيس الجديد الأربعاء المقبل، أكدت مصادر قوى «14 آذار» ل «الحياة» أن إطلاق بري السباق الرئاسي سيحتم عليها أن تنهي مشاوراتها حول توحيد موقفها بدعم ترشح جعجع للرئاسة قبل انعقاد الجلسة. وهي ستواصل هذه المشاورات في اليومين المقبلين. وقالت المصادر في «14 آذار» إن أولويتها هي الدخول الى الجلسة موحدة الموقف حول ترشيح جعجع ودعمه لأن هذا يساعد على دخولها المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد أن تجرى الدورة الأولى منها بعدم حصول جعجع على أكثرية الثلثين (كما ينص عليه الدستور)، بموقف قوي وموحد أيضاً بعد دراسة الموقف حول بقائها على دعمها لترشيح جعجع للدورة الثانية التي تتطلب أكثرية النصف زائد واحداً، أو انها تدخل بمفاوضات حول مرشح توافقي. أما من جهة قوى «8 آذار» فإنها لم تحسم ما إذا كانت ستطرح المرشح الذي تدعمه في جلسة الأربعاء المقبل والذي هو رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون، أو انها تكتفي بترك الحلبة لترشيح جعجع فيفشل في الحصول على أكثرية الثلثين ليطرح عون بعدها ترشيحه وتؤيده قوى «8 آذار» في الدورة الثانية من الانتخاب... وفي جلسة أخرى يدعو إليها بري. من جهة ثانية، شيّعت بلدة الهرمل أمس الزميل حليم علوه الذي كان قضى في بلدة معلولا مع اثنين من الزملاء في قناة «المنار» الاثنين الماضي. وواصلت «المنار» تقبل التعازي بالزملاء الثلاثة. وزار مستشار الرئيس سلام، عبدالستار اللاز إدارة القناة معزياً باسمه.