أثبتت العمليات الأمنية الأخيرة فشل التنظيم الإرهابي «داعش» في استقطاب الشباب السعودي، بعد زيادة الوعي لدى المواطنين السعوديين ونجاح الحملات الإعلامية الأمنية في الكشف عن حقيقة التنظيم الإرهابي، ما دفع «داعش» لاستقطاب الوافدين في المملكة، لتنفيذ عملياته الوحشية داخلها. هذا ما أدلى به المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية منصور التركي، مساء أول من أمس خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في الرياض، للكشف عن إحباط عدد من العمليات الإرهابية وإلقاء القبض على ثمانية مطلوبين. وأكد متخصصان في الشؤون الأمنية، تراجع اعداد السعوديين المتعاطفين مع التنظيم الإرهابي، الذي أعلن - خلافته المزعومة - في 29 حزيران (يونيو) 2014، كما فقد أخيراً عدداً كبيراً من المتعاطفين السعوديين معه، إضافة إلى فقده ايضاً قدرته على استقطاب، واستعطاف الشباب السعودي، وذلك بعد جعلهم واجهة إعلامية لاستقطاب المزيد من الشباب من جميع البلدان العربية والإسلامية. وأوضح الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة حمود الزيادي ل«الحياة» أن اتجاه التنظيم الإرهابي داعش، للمقيمين والوافدين، في تنفيذ عملياته الإجرامية، بدلاً من الشباب السعودي المستهدف سابقاً، يعطي مؤشراً بان التنظيم أصبح يواجه «صعوبة» في استقطاب الشباب السعوديين. وقال الزيادي: «نلاحظ تراجعاً في أعداد المنتمين من السعوديين إلى تنظيم داعش، وذلك من خلال الضربات الامنية التي وجهتها الجهات الأمنية ضد خلايا التنظيمات العنقودية داخل المملكة، والتي تزامنت مع الحملات الإعلامية، والنشاط الإعلامي الذي كشف خطورة هذا التنظيم»، لافتاً إلى ان ذلك لا ينفي ان خطورة التنظيم قائمة في الاستقطاب، ولكنها في تراجع. وأشار إلى أن التنظيم يحاول توسيع دائرة استقطاباته وتوجيهها تجاه المقيمين، لذا نجد هناك تزايداً بدرجة نسبية في اعداد المقيمين في قوائم الخلايا الإرهابية، مؤكداً ان ذلك يستوجب التيقظ الأمني، اذ ان كل مواطن ومقيم مستهدف لتجنيد التنظيم، واستقطابه، لخدمة اهدافه، وضرب امن المملكة، ما يستدعي مزيداً من اليقظة على مستوى المؤسسات الاجتماعية المعنية والجهات الامنية التي هي في أفضل حالاتها، ودليل ذلك العمليات الاستباقية التي اجهضت الكثير من العمليات الإرهابية الكبيرة. بدوره، قال الباحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب الدكتور محمد الهدلاء ل«الحياة» إن الكثير من الشباب السعودي، خصوصاً المستهدفين من داعش الذين تراوح اعمارهم بين 17 و25 عاماً أصبحوا على وعي تام ومعرفة بأهداف التنظيم، وعدم الاستجابة الى رسائله، وذلك بعد ان خاضت المملكة حرباً فكرية واعلامية لكشف حقيقته الدموية وزيف شعاراته الدينية، خصوصاً أنه كان يطمح لاستقطاب المزيد من المتطوعين السعوديين لضمان رافد مالي مستمر من المتبرعين ولتأمين فتاوى تصدر من رجال دين سعوديين. وأضاف الهدلاء: «الواجهة السعودية تعطي الاطمئنان لكل متعاطف مع التنظيم، وقد فشل داعش في تحقيق كل هذه الاهداف بعد أن عرف الشباب السعودي حقيقة هذا التنظيم ومن يقف خلفه من دول معادية، ما جعل التنظيم يلجأ في محاولة يائسة الى استقطاب الاجانب بدلاً منهم، وهذا ما لوحظ في العمليات الاخيرة». وأوضح أن المملكة طبقت في استراتيجيتها الأمنية الجديدة ان مواجهة الارهاب لم تعد تعتمد على المواجهة الأمنية فحسب، بل يجب ان تكون اعلامية وفكرية ودعوية وتربوية، فكان نتاجها هذا الوعي الكامل بحقيقة هذا التنظيم واهدافه، لافتاً إلى ان استهداف التنظيم الإرهابي للمساجد ودور العبادة احد الاسباب المهمة في تراجع نسبة كبيرة ممن كان يتعاطفون معه جهلاً. وكان التنظيم الوحشي الذي خرج من رحم أكثر التنظيمات تطرفاً «القاعدة» في العراق، والذي شكله أبومصعب الزرقاوي عام 2004، عمد إلى زج الشباب السعودي في عملياته الانتحارية المتتالية في بداية ظهوره، إلا أن وزارة الداخلية السعودية كشفت أخيراً عن انخفاض عدد السعوديين الانتحاريين في مناطق الصراع، عازية ذلك إلى «تناقص عدد المنضمين إلى الجماعات الإرهابية، نتيجة زيادة الوعي الفكري في المملكة». فيما أكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي أن زيادة الوعي لدى المواطنين السعوديين وعدم ثقتهم بالتنظيمات الإرهابية، دفعا تنظيم «داعش» الإرهابي للاستعانة بالوافدين في المملكة لتنفيذ عملياته الإرهابية في الفترة الأخيرة.