أكد باحثان مختصان في الشؤون الأمنية، أن احترافية الأجهزة الأمنية السعودية، تمكنت وفي وقت قياسي، من إحباط نجاح، كان تنظيم «داعش» الإرهابي يأمل تحقيقه في المملكة، مشيرَينِ إلى أن «حادثة الدالوة» تمثل حلقة ضمن مخطط إرهابي كبير، يهدف إلى زرع الفتنة وشق وحدة الصف في المملكة. وجاء حديث الباحثين تعليقاً على ما أعلنته وزارة الداخلية السعودية، مساء الاثنين الماضي، من تمكنها من القبض على 77 شخصاً (بينهم 32 سبق توقيفهم) ارتبطوا بالحادثة، التي تعرضت لها حسينية المصطفى في قرية الدالوة (محافظة الأحساء شرق السعودية) في العاشر من محرم الماضي. وأكدت الوزارة أن الشبكة التي جرى تفكيكها وتم القبض على جميع أفرادها كانت ترتبط بتنظيم «داعش». وقال الباحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني الدكتور محمد الهدلاء، في تصريح إلى «الحياة»: «إن بيان وزارة الداخلية الأخير وضع النقاط على الحروف في كشف هذه الجريمة البشعة التي تمت في قرية «الدالوة» بالأحساء، هذه الجريمة التي تؤكد بشكل لا لبس فيه أننا كوطن نواجه خطراً حقيقياً وجدياً، يتمثل في الإرهاب والمشروع الإرهابي القائم على سفك الدماء وقتل الأبرياء وتخريب الاستقرار والأمن الاجتماعي في الوطن والمجتمع». ورفض الهدلاء احتساب من ارتكب جريمة الدالوة على أي طائفة، «سوى كونهم «إرهابيين» وشبكة إجرامية، يرتبط رأسها بتنظيم «داعش» الإرهابي الضال. إذ تلقى الأوامر من الخارج، ومن قوى خارجية تلعب دوراً مشبوهاً من خلف الكواليس، لا تتورع فيه عن استخدام التنظيمات الإرهابية، ومنها هذه التنظيمات كأداة لتنفيذ تلك المؤامرة الدنيئة»، لافتاً إلى أنهم «حددوا لهم الهدف والمستهدفين، ووقت التنفيذ والنص على أن يكون التنفيذ في محافظة الأحساء». وأكد الباحث الأمني الهدلاء أن وراء هذه الجريمة «مخططاً كبيراً لزرع الفتنة وشق وحدة الصف»، لافتاً إلى أن وقت الجريمة ومكانها يجعلها «جناية على الوطن كله وعدواناً على كل طوائفه. ومحاولة لإشعال النار في بيتنا الكبير، واستقطاب لهيب البلدان التي حولنا وجرها إلينا. لأن الهدف الواضح من ورائها كسر وحدة المجتمع السعودي واختراق صفه»، معتبراً ما حدث «حرابة لا يقوم بها إلا الأعداء، حتى وإن باشر العملية الفعلية أناس منا، غُسلت أدمغتهم وعقولهم ليقوموا بهذه الجريمة البشعة». وأكد أن الهدف منها هو «إشعال الفتنة الطائفية، فهم يريدون للمملكة ألا تنعم بالسكينة والاطمئنان والأمن والسلام. كما أنهم يريدون للمملكة أن يستشري بها نار الفتنة وغرضهم مكشوف، ومعروف جهتها، ومن يقف وراءهم»، لافتاً إلى أن خلف هؤلاء «عمق ممتد من ممولين ومجندين ومروجين للدعاية، يحاولون أن يذكوا الصراعات الطائفية والقبلية والمذهبية والمناطقية في منطقتنا، ويحاولون أن يذكوا الصراع ثم يوظفوه». وتابع الهدلاء أنه «لولا الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ودعم إيران، لما ولدت «داعش» و«النصرة». فمعظم قادة التنظيمين من خريجي سجون سورية والعراق، الذين أخلي سبيلهم»، مشيراً إلى أن ما حدث في الأحساء «محاولة فاشلة جربت تقديم الفتنة كمادة فكرية للصراع في المجتمع، لكن جاء رد الفعل بخلاف ما خطط له القائمون على جريمة «الدالوة»، ليثبت الإنسان على هذه الأرض أن السعودية الدولة الوحيدة التي لا يوجد بها طائفية أو مذهبية أو قبلية، وأن أبناء الوطن وبناته كباره وصغاره يد واحدة ضد من يعبث بالأمن والأمان». وذكر الباحث الهدلاء، أن «المتآمرين على الوطن لم يعرفوا أن إرادة الشعب السعودي أقوى من كل المؤامرات والدسائس والإغراءات. ونحن كشعب ضمانة هذا البلد إلى مزيد من الأمن والاستقرار. وأثبت الشعب السعودي وقوفه خلف قيادته، في وجه كل الدسائس والمؤامرات التي تحاك ضد وطنه». بدوره، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية حمود الزيادي، في تصريح إلى «الحياة»: «إن تنظيم «داعش» يستميت للوجود والقيام بأعمال إرهابية نوعية في السعودية». وأضاف: «إن «داعش» يأمل أن يتحقق هذا النجاح من خلال هذه العملية الفاشلة، نظراً لتركيز التنظيم على بعد «الصراع الهوياتي الطائفي»، على أمل أن تتسع هذه الدائرة لتشمل السعودية، وبالتالي تتهيأ له البيئة المناسبة للوجود والانتشار». واستدرك الزيادي: «إن احترافية الجهاز الأمني السعودي مكّنته خلال ساعات أن يضع يده على خيوط الجريمة الإرهابية، ثم يفكك الخلايا المتصلة بالجريمة في وقت وجيز، وكان ذلك عاملاً مهماً في تطويق الحادثة والسيطرة عليها، إضافة لرد الفعل الوطني الرصين من فئات وشرائح المجتمع كافة، التي أدركت الغاية من هذه الجريمة، وأنها استهداف للوطن بأكمله من هذا التنظيم الإرهابي، ما أحدث مزيداً من التماسك بين مختلف طوائف وفئات المجتمع، وكأن «السحر قد انقلب على الساحر». وأضاف الباحث الزيادي: «إن من اللافت أن العناصر التي تورطت في ارتباط بتنظيم «القاعدة» خلال الأعوام الماضية، استمالها «داعش» إلى صفوفه. وهنا أشير إلى ال32 الذي أنهوا أحكامهم، وال15 الذين كانوا يستكملون قضاياهم، وتم القبض عليهم لصلتهم بالجريمة الإرهابية».