شهدت فنادق منتجع شرم الشيخ شبه الخاوية منذ إسقاط طائرة ركاب روسية فوق صحراء سيناء العام الماضي، انتعاشة موقتة مع انعقاد «المؤتمر الوطني الأول للشباب» الذي اختتم أمس وشارك فيه ثلاثة آلاف شاب وأكثر من 300 شخصية عامة، يتقدمها الرئيس عبدالفتاح السيسي. غير أن المنتجع الذي يعاني بدرجات متفاوتة منذ اندلاع الثورة في مطلع العام 2011، سيعود اليوم للانشغال بمشاكله المتفاقمة منذ أوقفت روسيا، المصدر الأول للسياح في شرم الشيخ، حركة الطيران مع مصر، وتبعتها بريطانيا ودول أخرى في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وتبرع 12 من مالكي فنادق شرم الشيخ باستضافة المشاركين في مؤتمر الشباب الذي ترعاه الرئاسة، أملاً بتسليط الضوء على المدينة وإعادة تنشيط السياحة فيها. وتخلو شوارع المدينة إلا من بضع سيارات ودوريات أمنية منتشرة بامتداد الطرق الداخلية، هي كل ما يشير إلى وجود حياة في شرم الشيخ التي باتتت معتمدة على المؤتمرات الرئاسية المتكررة لإنعاش اقتصادها لأيام، قبل أن تعود مرة أخرى مدينة أشباح يعاني أهلها شظف العيش وضيق الحال. وكانت الحركة السياحية بدأت بالتعافي منذ العام 2014، لكنها تلقت ضربة قاصمة مع إسقاط الطائرة الروسية الذي تبناه تنظيم «داعش»، وقال إنه استغل «ثغرة أمنية في مطار شرم الشيخ» لتنفيذه. وأعادت مصر هيكلة إجراءات الأمن في المطارات لإقناعروسياوبريطانيا باستئناف حركة الطيران، لكنهما لم ترفعا الحظر بعد. وكانت شرم الشيخ مقصداً سياحياً مزدهراً خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي قضى قسماً كبيراً من السنوات الأخيرة لرئاسته في المنتجع. وما زال مبارك حاضراً بقوة في أحاديث العاملين في السياحة في شرم الشيخ. ويعبر بعضهم عن حزن واضح وحنين جارف إلى أيام حكمه «حين كان يتوافد السياح من كل الجنسيات فلا تغيب الوفود ولا ينقطع العمل»، وفق أحدهم. ويقول سائق تاكسي في شرم الشيخ طلب عدم ذكر اسمه، إنه أضطر إلى أن يعيد زوجته وأبناءه ليعيشوا في مسقط رأسه في صعيد مصر بعدما كانوا يقطنون معه في شرم الشيخ «بسبب تردي الأوضاع وانحسار الرزق وعدم قدرتي على مواجهة تكاليف الحياة». وأضاف: «أعمل في شرم الشيخ منذ 13 عاماً، وأيام الرئيس مبارك كنا نأكل الشهد... كانت المدينة تعج بالسياح من دول العالم كافة، وكانت مليئة بالحياة لا تنام ولا تخلو شوارعها أو فنادقها من السياح. كانت تبدو كما لو كانت مدينة أوروبية». ويعمل محمد، المتحدر من محافظة قنا في صعيد مصر هو الآخر، في أحد فنادق المدينة منذ تسع سنوات. ويقول: «كانت السياحة مزدهرة إلى أقصى حد، وكان الدخل مرتفعاً في شكل كبير على عكس الآن. هذه الأيام بلغ الدخل حد الكفاف». وأشار إلى أنه رغم الحوادث الإرهابية التي ضربت المدينة في عهد مبارك، وأشهرها ثلاثة تفجيرات متزامنة في تموز (يوليو) 2005 أسقطت عشرات القتلى والجرحى، «إلا أن السياحة تضررت لمدة شهر واحد فقط، وسرعان ما عادت إلى سابق ازدهارها». ولفت إلى أن «سقوط الطائرة الروسية أصاب السياحة في مقتل بعدما بدأت في التحسن. غادرت الوفود السياحية ولم تعد من وقتها. ورغم مرور عام، إلا أن أوضاع السياحة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم».