تحوّلت مدينة شرم الشيخ المصرية إلى مدينة أشباح بعد مغادرة معظم السياح، عقب حادث سقوط الطائرة الروسية من طراز «آرباص - 320» فوق سيناء في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، خلال توجّهها من مطار شرم الشيخ الدولي إلى مدينة سان بطرسبورغ الروسية، ما أدى إلى وفاة 224 شخصاً. وظهرت تبعات كارثة تحطّم الطائرة الروسية في شكل جليّ على المنتجعات والفنادق التي كانت تعج بالسياح وأصبحت فجأة أماكن خاوية، إذ قرر بعض هذه الفنادق وقف نشاطه تجنباً لمزيد من الخسائر، فيما تراجعت نسبة الإشغال إلى واحد في المئة. وقرر بعض الشركات والمنتجعات تقليص عدد العاملين فيها، بينما لجأت الحكومة إلى الاستعانة ببرامج ترويجية لتنشيط السياحة الخارجية. وقال مدير مطعم تابع لأحد الفنادق، أن مدينة شرم الشيخ لم تشهد هذا الكساد من قبل، وأشار إلى تخفيض إدارة الفندق أجور العاملين إلى الراتب الأساسي فقط، أي (نحو 1500 جنيه)، بدلاً من تسريح العمال. وذكر آخر يعمل فى أحد الفنادق منذ 7 سنوات، أن معظم النزلاء من البريطانيين والروس، ونسبة الإشغال في الفندق كانت 80 في المئة يوم حادث الطائرة، قبل سحب بعض الدول رعاياها، لتصل إلى 1 في المئة عقب الحادث، وقال: «ننتظر إجراءات الحكومة لتنشيط السياحة». وأكد مدير شركة سياحية، أن شركته تملك وتدير أربعة فنادق في شرم الشيخ، أُغلقت 3 منها أخيراً. وأوضح أن نسبة الإشغال في الفندق الرابع لا تتعدى 2 في المئة، وأن نسبة الإشغالات فى مجموعة الفنادق الخاصة بالشركة كانت تصل إلى 92 في المئة قبل حادث الطائرة. وأشار إلى أنه تم إلغاء 100 في المئة من الحجوزات المقررة منذ بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وأن المدينة كانت تستقبل بين 50 إلى 70 رحلة طيران أسبوعياً من بريطانيا، مضيفاً أنه لم يعد هناك أي سائح بريطاني في الوقت الحالي. وتحدّث عدد من العاملين في القطاع السياحي إلى وسائل إعلام محلية، شكوا سوء أوضاعهم، إذ تم طرد العديد منهم، فيما تلقى بعضهم إجازة من دون راتب إلى حين تعافي القطاع السياحي وعودته إلى العمل مثلما كان عليه سابقاً. وشرح محمد، العامل في أحد الفنادق، ما يعانيه عقب طرده من العمل، وقال إنه قدم إلى شرم الشيخ من مدينة الإسكندرية، والآن لا يستطيع العودة لأن ليس له عمل هناك، وأضاف أن المعيشة في شرم الشيخ مكلفة، ومن دون عمل لا يستطيع تأمين قوت يومه. وروى محمود، الذي قدم إلى شرم الشيخ قبل 5 سنوات، وكان يعمل في شركات السياحة التي تتعامل مع السائحين البريطانيين، أنه إضافة إليه تم إبلاغ 20 عاملاً آخرين بإجازات من دون راتب حتى عودة الطيران بين مصر وإنكلترا. ودفعت المخاوف الأمنية عقب تحطّم الطائرة الروسية، عدداً من الدول الغربية من بينها روسياوبريطانيا، إلى إرسال طائرات عدة لإجلاء مواطنيها من شرم الشيخ. وحصلت مصرعلى 7.4 بليون دولار من السياحة في السنة المالية التي انتهت في حزيران (يونيو) الماضي، وفق بيان لوزارة المال المصرية. ووفقاً لأرقام مؤسسة «يورومونيتور إنترناشونال»، سجل الزوار من روسيا العدد الأكبر من الوافدين إلى مصر خلال العام الماضي، بواقع ثلاثة ملايين زائر، تلتها بريطانيا بواقع مليون زائر. وقال كبير محللي المؤسسة، ناديغدا بوبوفا، إن «قرار المملكة المتحدةوروسيا حظر السفر إلى مصر سيكون له أثر خطير جداً في الاقتصاد المحلي، ذلك لأن آخر مدينة سياحية آمنة في مصر تتعرّض لخطر كبير الآن». وأضاف أن «المسافرين سيبقون مترددين جداً في السفر إلى هذا الجزء من منطقة الشرق الأوسط، وسيستمرون في اختيار وجهات مثل دبي وعمّان، وربما حتى المغرب، بدلاً من الوجهات الأكثر قلقًا مثل تونس ومصر». وفي إطار التخفيف من الأزمة، تنوعت أساليب المصريين في دعم بلادهم لمواجهة المحن التي تمر بها، إذ نشرت مجموعة من الشبان صوراً لبعض الغواصين في منطقة شرم الشيخ يحملون فيها عبارات باللغة الإنكليزية: «مصر آمنة حتى تحت الماء». ونشر آخرون صوراً لمنطقة سيناء وشرم الشيخ وحتى الأهرامات، في خطوة معنوية لتأكيد حبهم لمصر ودعمهم لها. وأطلقت وزارة السياحة المصرية مبادرة «شرم الشيخ في قلوبنا»، للترويج للسياحة الداخلية ودعمها، وقال وزير السياحة هشام زعزوع، أن المبادرة بدأت منذ 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، وستستمر حتى 30 نيسان (أبريل) من العام المقبل. وكان تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أعلن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الروسية، ونشرت مجلة «دابق» التابعة له صورة تزعم أنها لقنبلة بدائية الصنع أسقطت الطائرة. وظهرت في الصورة عبوة مياه غازية وبجوارها ما يبدو أنه جهاز تفجير ومفتاح، إضافة إلى نشرها صورة تضمنت جوازات سفر تخص ضحايا من المسافرين الروس حصل عليها المتطرفون.