تراجع نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري عن تصريحه في شأن «إفلاس المملكة»، الذي تسبب في ردود فعل حادة، معترفاً أن التعبير خانه في ذلك، وقال: «تغيير المصطلح لا يعني أن المملكة لا تمر بأزمة محتمة إن لم تتدارك الموقف». وكان الإعلامي داود الشريان استضاف عدداً من الاقتصاديين أمس، عبر برنامج «الثامنة» للتعليق على حلقة الوزراء الثلاثة، التي بُثّت الأربعاء الماضي، وما تبعها من ردود أفعال حادة لدى المواطنين. وعبّر التويجري في مداخلة هاتفية أن التصريح كان مجرد سياق لا أكثر ولا أقل، وقال: «تصريحي كان سياقياً ولم يُقصد بالمعنى الصحيح، وحتى لو استبدلنا كلمة الإفلاس بالخطر المحتم أو الأزمة، فهذا لا يعني أن المملكة لن تمر في كارثة لو لم تقر القرارات الجديدة بشأن البدلات». فيما استقبل التويجري برد عكسي من الاقتصاديين الذين أكدوا أن كلمة إفلاس خطأ كبير، وأن المملكة بعيدة أقصى البعد عن هذه الكلمة والكارثة، مستشهدين بأزمة اليونان وأنها لم تعلن إفلاسها على رغم أن مديونياتها أضعاف مديونيات المملكة. وقال الكاتب الاقتصادي عبدالله بن ربيعان: «لم يوفق التويجري في تصريحه وتوقعاته غير المستندة على دراسات لإمكانات المملكة الكبيرة ومن احتياطاتها الضخمة، وأنه لا يجب أن يدلي بهذا التصريح في قضية إفلاس المملكة، لأنه أمر بعيد عن هذه الكلمة في ظل الإمكانات الموجودة، على رغم أننا لم نحسن استثمار الفوائد في عهد مضى ونحن الآن نتحمل عواقبه». من جانبه، أكد رئيس مركز جواثا الاستشاري الدكتور إحسان بو حليقة أن احتياطات المملكة تكفيها ل20 عاماً مقبلة على الأقل ومع عدم وجود بوادر إصلاح في ذلك، معبراً أنه لم يقلق من إفلاس المملكة في الوقت الحالي، إلا في أزمة ما بعد حرب الخليج في التسعينات الميلادية. وقال: «لم أكن قلق على إفلاس المملكة أبداً، ولم أقلق عليها إلا في أزمة حرب الخليج، واحتياط المملكة الآن يكفينا ل20 عاماً مقبلة، واليونان في أزمتها الاقتصادية لم تعلن إفلاسها، والمملكة لا تقارن بها ولو بنسب ضئيلة أبداً، وهي تتحمل عشرات أضعاف دين المملكة». فيما أكد المختص الاقتصادي عبدالحميد العمري، أن رواتب موظفي الدولة لا تشكل إلا 15 إلى 20 في المئة من إيرادات الدولة، والبدلات 6 في المئة فقط، مشيراً إلى أن ما ذكر أنها تشكل 85 في المئة خاطئة، وليس كما ذكر التويجري أنها تشكل 90 أو 85 في المئة، مضيفاً: «نحن بعيدون جداً عن الإفلاس، وجميع الموظفين الإداريين لا يشكلون إلا 36 في المئة الذي يقصدهم الوزير». وحول إنتاجية الموظف التي قدرت بساعة فقط، رد الاقتصاديون بأنه غير صحيح، وأنه تشكيك فيه، ولا بد من التحفيز لزيادة الإنتاج. وقال أستاذ الاقتصاد حمد آل الشيخ: «إنتاجية الموظف ليست ساعة وهذا تعميم على إسقاط سلبي لجميع المواطنين، ونحن لسنا ضد الوزراء، لكن واجبنا الوطني أن ننتقد لإيصال المعلومة. كما أن الدراسة التي اعتمد عليها قديمة، ورفضت من الجهة التي عملتها، وحتى لو كانت صحيحة من الأفضل ألا تكشف، مما جعل وسائل الإعلام العالمية تسخر منا». فيما أكد الشريان أن الدراسة عملت في 1433ه من جهات كورية وعمل فيها أكثر من 50 عالماً، وخلصت الدراسة إلى استنتاجات عدة منها: أن بيئة العمل تجعل إنتاجيته ساعة واحدة فقط، مستثنى من ذلك المعلمون والأطباء والسلك العسكري. فيما قال بوحليقة: «لماذا يعمم الوزير خالد العرج، ومن المفترض أن ينتقد نفسه أولاً، والحل في تحسين الإنتاج هو الحوافز المالية والمعنوية، وتوفير بيئة العمل الصالحة، ونحن متجهون إلى الاتجاه الخاطئ»، وقال المختص الاقتصادي عبدالحميد العمري: «كنا ننصح المسؤولين في وقت الرخاء وكانوا يعارضون»، متسائلاً: «كيف نقنع المستثمر الأجنبي بالدخول إلى سوق ضعيفة، وموظف إنتاجيته ساعة بناء على تصريحات وزراء، وأن الفساد هو الأخطر من أخطاء الاستثمار والتخبط الاقتصادي؟». وأضاف العمري: «نريد من وزارة الخدمة المدنية إعلان كشف البدلات، التي لا تشكل من الإيرادات إلا 7 في المئة، وهذه نسبة ضئيلة جداً، ونحن مع الوزراء في عدم استحقاق البعض لها».