لم تواجه فاطمة الناصر، الأزمة المتكررة كل عيد مع «العيديات»، حين كانت تلجأ وزوجها إلى الأصدقاء والصديقات، لعلهم يحصلون على أوراق نقدية جديدة، من فئتي الخمسة وال10 ريالات، وغالباً ما يحصلان عليها من أحد موظفي المصارف، كي يوزعانها على أطفال العائلة في العيد. ولكنهما في هذا العام، قررا ألا يوزعا مبالغ نقدية على الأطفال، مستبدلين الأموال بالألعاب. وتقول فاطمة: «توزع العيدية على الأطفال لإدخال الفرح إلى قلوبهم، وهذا يحدث أيضاً في حال توزيع الهدايا، وتحديداً الألعاب، عوضاً عن النقود»، مضيفة ان «الطفل يجهل قيمة النقود، فتضيع منه في حال اللعب»، مستدركة ان «الصغار يفرحون بالنقود؛ لكن ليس بمقدار فرحتهم بلعبة تقدم لهم يوم العيد. وهذا ما اتبعناه في هذا العيد مع أطفال العائلة، فنقوم بجمع مبالغ بسيطة من بعضنا البعض. ونشتري لهم الألعاب إلا أنهم يحصلون على النقود من أصدقاء العائلة، فيسلمونها لأمهاتهم، كي يقمن بادخارها إلى عيد الأضحى، ليتوافر لديهم مبلغ كاف لشراء هدية كبيرة، مثل جهاز موبايل جديد، أو كاميرا، أو لعبة إلكترونية». وتشعر هند الموسى ب«الحرج» مع الأطفال خلال أيام العيد، لأنهم «يعتبرون العيدية واجباً على جميع الكبار، فينتظرونها من الكل، وقد يطلبونها أيضاً، فيسألون أي كبير، رجلاً أو امرأة، حال دخول المنزل: أين العيدية؟»، مضيفة ان «الظروف الاقتصادية، وبخاصة في السنوات القليلة الماضية، أجبرت البعض على عدم توزيع «العيديات»؛ لكن الأطفال لا يفهمون ذلك». ووجد محمد عبد المحسن نفسه في موقف وصفه ب«المأزق»، مع ابنه البالغ من العمر أربع سنوات، ويقول: «بعد أن اجتمعنا في منزل العائلة لتناول الغداء، خرجنا إلى الكورنيش، لأتفاجأ بابني يسأل أي رجل في الكورنيش عن «العيدية»، وقد تحدثت معه بأن العيدية لا تُطلب، وإنما تُعطى عن طيب خاطر؛ إلا انه لم يتفهم ذلك، فاضطررت إلى العودة إلى المنزل بعد مرور أقل من ساعة. وكان سعيداً بالمبلغ الذي جمعه، والذي وصل خلال أقل من ساعة إلى 80 ريالاً»، مضيفاً ان «البعض لا يعي جهل الأطفال، وقلة وعيهم بالأمور، فهناك من كان يشير عليّ بإبعاده، وهذا ما أوقعني في مأزق كبير». ويرى عبدالله العلي، في تصرف الطفل في العيدية «مؤشراً إلى نمط شخصيته»، فالمال الذي جمعه ابنه البالغ من العمر سبع سنوات، «جعلني أميز شخصيته وتصرفه تجاهه، إذ لاحظت أن ابني يرفض أن يودع عيديته لدي أو لدى والدته، وعندما سألته عما ينوي فعله بها، قال: «أريد جمعها، ولا أريد صرفها حتى على الألعاب». وكان يخرجها من جيبه بين حين وآخر. ويقوم بعدها، فعرفت مدى بخله، خصوصاً حين أرسلنا شقيقته، لتخبره عن حاجتها إلى 10 ريالات، إذ رفض إعطاءها رفضاً قاطعاً». وتشير حنان أبو عبدالله، إلى أن «العيدية» التي جمعها أطفالها هذا العام «ليست بكثرة كالعام الماضي، أو السنوات الماضية». وتعزو ذلك إلى «غلاء المعيشة، والإنفاق الكبير خلال شهر رمضان الكريم، والاستعداد لشراء مستلزمات المدارس»، مضيفة «في السنوات الماضية لم يكن أحد يعطي طفلاً «عيدية»، ولا حتى ريال واحد، إلا أنني لاحظت ذلك هذا العام. ويستنكر بعض الأطفال إعطاءهم هذه «العيدية»، فهي من وجهة نظرهم يجب ألا تقل عن خمسة ريالات، فيلجأون إلى الأب أو الأم، لزيادة المبلغ، ويتنافسون فيما بينهم، على من يجمع أكبر مبلغ من «العيدية»، مبينة ان «الأولاد يحصلون على عيديات أكثر من البنات، بحكم خروجهم مع الأب، فيحصلون على العيدية من الأصدقاء».