يميل البعض إلى عيش حياتهم في شكل علني جداً على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يشاركون آراءهم وأماكن وجودهم وأفكارهم مع من يتابعهم، الأمر الذي يجعل من وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة جداً للراغبين في التجسس بمختلف أهدافهم. ويعتبر التعاون بين شركات التكنولوجيا التي تجمع معلومات الأفراد من مواقع التواصل وأجهزة الاستخبارات، أمراً وارادً ومحلاً للنقاش، إذ وجهت الهيئة الأميركية للدفاع عن الحقوق المدنية اتهاماً إلى شركة "جيوفيديا" العاملة في توفير خدمات تحليل عبر الاستقاء من قاعدة بيانات ضخمة لمشتركي "تويتر" و"فايسبوك" و"إنستغرام"، تهمة مساعدة الشرطة الأميركية على تتبع نشطاء خلال تحركات اجتماعية في مدن أميركية عدة، قُتل فيها رجال من أصول أفريقية على يد الشرطة، ما أدى إلى قطع تويتر وفايسبوك منافذ الشركة إلى بياناتهم. وكانت مجموعة "ياهو!" تلقت اتهاماً بالتجسس على رسائل مستخدميها لحساب السلطات الأميركية. وطالبت الهيئة الأميركية للدفاع عن الحقوق المدنية، بعمل شبكات التواصل الاجتماعي على حظر التطبيقات التي تستخدمها قوات الأمن أو التي تمكن أي جهة أو فرد من التجسس على الآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت تويتر حظّرت أجهزة الاستخبارات الأميركية من استخدام برنامج "داتاماينر" لتحليل التغريدات. وأشارت المحامية المتخصصة في شؤون الحريات المدنية والتكنولوجيا في مؤسسة "إلكترونيك فرونتير فاونديشن" صوفيا كوب، إلى اعتماد بعض الحكومات على موظفين لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، موضحة أن الاعتماد على شركات مثل "جيوفيديا" يسهل عملية الرقابة أكثر، إذ تعتمد هذه الشركات على ربطها دفق البيانات التي تحصل عليها من الشبكات الاجتماعية والبرمجيات التي تعمل على ترشيح المعلومات لعمليات بحث أكثر سهولة. ولا تقتصر عمليات تتبع الأفراد على أجهزة الاستخبارات، إذ إن شركات الإعلانات وتلك الراغبة في استهداف جمهور محدد تلجأ إلى هذه التقنية كثيراً، إضافة إلى الباحثين الذين يحاولون جمع المعلومات لعمل الدراسات العلمية والاجتماعية، إذ أعلنت مجموعة "آي بي أم" هذا الصيف، تعاوناً مع مركز برازيلي للبحوث بهدف رصد انتشار أمراض مثل "زيكا" والضنك وشيكونغونيا بالاستعانة ببيانات تويتر. وكذلك، تمول وزارة العدل في لوس آنجليس دراسة لباحثين بريطانيين ومنظمة "راند" غير الحكومية منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، للتأكد من قدرة الشرطة على منع وقوع جرائم عبر تحديد مواقع إطلاق تعليقات تشير إلى الكراهية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولفتت محللة في مجموعة "غارتنر" تدعى جيني ساسن، إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي، تويتر وفايسبوك خصوصاً، تحاول إدراج خاصية تمكنها من التحكم في قدرة مطوري البرمجيات الخاصة بجمع المعلومات على النفاذ إلى معلوماتها. وقال المحلل لدى مجموعة "إندبوينت تكنولوجيز أسوسييتس" روجر كاي، إن مستخدمي شبكات التواصل يوافقون على عملية مراقبة بياناتهم، إذ إن البعض يعيش حياته بعلنية من أصحاب الحسابات العامة التي تمكن الجميع من متابعتها بلا الحصول على موافقة مالك الحساب، ما يسمح للجواسيس أو لجهات معينة برصد تحركاتهم بدقة. ويشار في هذا السياق، إلى عملية السرقة التي تعرضت لها كيم كارداشيان في باريس أخيراً، إذ إنها عمدت إلى التقليل من وجودها على حساباتها على مواقع التواصل، بعدما أشار البعض إلى أن كثرة نشرها التفاصيل الخاصة بالرفاهية التي تعيشها كانت عاملاً قوياً لتعرّضها للسرقة.