يدرس البنك الدولي ما رفعته السعودية بشأن عزمها إقرار برنامج لتدوير ومعالجة النفايات «الرسكلة»، وبمشاركة القطاع الخاص في برنامج يهدف لتجنب وقوع كوارث بيئية محتملة جرّاء تكدس النفايات، وتحقيق عوائد اقتصادية، بعد توقيع مذكرة تفاهم مع شركة سابك لتأسيس شركة للتدوير بكلفة من المتوقع أن تتجاوز 12 بليون ريال. ويأتي البرنامج في وقت تعاني فيه السعودية من تزايد مخلفات النفايات مع معدلات النمو السكاني التي تتجاوز 8 في المئة سنوياً، ويبلغ معدل إنتاج الفرد من النفايات 1.28 كيلوغرام في اليوم، ما ينذر بمشكلات بيئية معقدة، يسهل التخلص منها بالمعالجة وعمليات التدوير والاستفادة بإنتاج مواد مختلفة استهلاكية أو كيماوية. وبحسب مصادر مطلعة قالت ل«الحياة»، إن إقرار المشروع سيحمي المملكة من كوارث بيئية خطرة، خصوصاً في ما يتعلق بتلوث المياه الجوفية مع تزايد نسب النمو وتوسع رقعة مدافن النفايات، موضحة أن وزارة الشؤون البلدية والقروية عملت منذ أعوام طويلة على دراسات لمعالجة وتدوير النفايات الصلبة، وتسجيل الفوائد المرجوة مقارنة بالأضرار الناتجة منها بعد دراسة الكلفة المالية، وأثبتت جدواه الاقتصادية والبيئية، مضيفة: «كل النتائج كانت مشجعة، وأصبح من الممكن تطبيقه بعد إقرار مجلس الوزراء لنظام إدارة النفايات الصلبة ومنحها الإطار القانوني من جهة الملكيات وحقوق الإدارة والمرجعيات». وأكد المصدر أن القطاع الخاص أثبت جدية بالغة في المشاركة بالموضوع، وعلى إثره وقعت الوزارة مذكرة تفاهم مع شركة سابك للبحث عن حلول مناسبة من الناحية الاقتصادية والبيئية لمعالجة النفايات، ودرس مشروع إنشاء شركة لمعالجة وتدوير النفايات الصلبة تحقق أكبر قدر من الفوائد وبأقل كلفة ممكنة، وأبدت سابك من جهتها اهتماماً بالغاً بالمشروع، وقدمت دراستها ونظرتها الفنية، وعلى إثره تم توقيع الاتفاقية. وحول درس البنك الدولي للموضوع، أشار المصدر إلى أنه يشمل الجانبين الفني والاقتصادي، بحسب تقدير المجلس الاقتصادي الأعلى، للاستفادة والاطلاع على التجارب الدولية بهذا الموضوع، كاشفاً أن نسبة تدوير النفايات البلدية على مستوى المملكة في الوقت الراهن من القطاع الخاص تبلغ 20 في المئة، رافضاً في الوقت ذاته تسميتها بعمليات تدوير، كونها تفتقر للحلول البيئية، معتبراً أن تسميتها «الاستفادة من مكبات النفايات» أدق، إذ إنها عمليات تجارية بحتة وتفتقر للمؤسساتية، مؤكداً استفادة الوزارة من هذه المشاريع خلال إجراء الأبحاث، كون النظام أجاز لأمانات المدن التوقيع مع الشركات والمصانع للاستفادة من مكبات النفايات. وأضاف: «معالجة المخلفات البيئية لها طرق عدة، وتوفر طاقة كهربائية ومواد لقيمية تدخل في الصناعات التحويلية، والأهم أنها ستخلصنا نهائياً من الأضرار البيئية التي يسببها التسرب لباطن الأرض، وبالتالي تأثيرها في مياه الشرب والمنتجات الزراعية». وسيوفر المشروع آلاف الفرص الوظيفية الجديدة، إضافة لعوائده المادية، وتوفير أراضي المدافن ومكبات النفايات، والتخلص من الأضرار البيئية الناجمة عن النفايات. وعن قدرة القطاع الخاص على تولي زمام المبادرة بهذا المشروع، قال المصدر المسؤول إن دخول القطاع الحكومي أفضل وسيلة لنجاح الشركة في حال تأسيسها، كون الكلفة الاقتصادية للمشروع باهظة الثمن من ناحية التخلص من الأضرار البيئية، مضيفاً: «دخول الدولة شريكاً دعم كبير، ويضمن نجاح الشركة في حال تأسيسها، خصوصاً وأن القطاع الخاص يبحث عن الفائدة التجارية، وهو قادر على تولي المشروع في هذه الحال، إلا أن الحلول البيئية مكلفة، وتحتاج لتدخل الدول، وهو ما يضمن للدولة بنهاية الأمر توفيراً جيداً في العملية النهائية للتخلص من النفايات، مقارنة بما يتم في الوضع الراهن». وقال المصدر إن فوائد المشروع الاقتصادية تظهر على المدى الطويل، وهناك تجارب دولية ناجحة، خاصة وأنها تنتج مواد كيماوية مهمة في الصناعات التحويلية، على عكس الوضع الراهن الذي يكلف الدولة مبالغ باهظة تقدر ب5.4 بليون ريال لأكثر من 65 مشروع من مشاريع نظافة المدن، تتحول بعدها للمكبات والمدافن والتي تكلف مبالغ طائلة. وتطبق أمانات المدن والبلديات في الوقت الراهن أساليب هندسية لتصميم المدافن للتخلص من النفايات الصلبة، والتي تشمل النفايات المنزلية والتجارية والإدارية والصناعية والخضراء والرعاية الصحية ونفايات البناء والهدم، ومن المحتمل أن يدخل ضمن الإطار النهائي للمشروع المخلفات الكيماوية ونفايات الرعاية الصحية الخطرة، لتشمل النفايات المنتجة في المملكة كافة. ويبلغ أعلى معدل إنتاج للفرد من النفايات بالمملكة في مدينة بريدة حيث تبلغ 2.66 كيلوغرام يومياً، والأقل في منطقة المدينةالمنورة وتبلغ 0.40 كيلوغرام يومياً. ومن أهم المواد التي تنتجها عمليات الرسكلة، إعادة تدوير المواد الزجاجية لصناعات أخرى جديدة، تدوير الورق والكرتون، والمواد النسيجية، وإعادة تدوير إطارات السيارات غير القابلة للاستعمال، لتحويلها إلى مواد مطاطية أخرى، وتدوير مواد الألومنيوم إلى ورق للتغليف، وبعض قطع السيارات وتدوير الفولاذ وبعض مواد السيارات، والأدوات، وتدوير المواد البلاستيكية لمواد تعليب وأكياس، وبعض أنواع الملابس وغيرها من المواد الاستهلاكية.