اليوم العيد، والكل فرحان وسعيد، أو هكذا يفترض على الأقل. وإن لم تكن فرحاناً وسعيداً، فمثّل الدور وتصرف على انك فرحان وسعيد. وإن كنت في زيارة لأقاربك، وضايقك أحدهم في الطريق أو «حدك» على الرصيف فاضبط أعصابك، وتذكر أنه العيد، والكل فرحان وسعيد. وإن صمت هاتفك الجوال عن النطق لضغط الشبكة فتبسم وتذكر انه العيد والكل فرحان وسعيد، ولا تتذكر قطع الشركة لجوالك حينما نسيت سداد الفاتورة لأربعة أيام بعد الموعد المحدد. وإن أردت نقوداً و«تعذرك» الصراف بأنه لا يمكن سحب النقد موقتاً، فاضبط أعصابك فنحن يوم العيد، والكل فرحان وسعيد، وإن كان عذره أن رصيدك لا يكفي، فلا تلعن الغلاء، ويكفهر وجهك مع أول أيام الشهر الجديد، وتذكر أنه العيد والكل فرحان وسعيد. وإن أحرق «الطرطعان» يد أحد أبنائك أو حتى غيرت ملامح وجهه، فلا تتضايق وتشتم من باعه للأطفال، ولا تحاول تذكر وعود الدفاع المدني بمنع ومصادرة كل «المفرقعات» النارية من الأسواق ومعاقبة مروجيها، فتذكرها لن يزيدك إلا هماً، وبدلاً منها تذكر أنه العيد، والكل فرحان وسعيد. وأما إن ضايق ضيوف جارك بسياراتهم منزلك ومنعوا سيارتك من التحرك بعد أن اقفلوا المساحات أمامها ووراءها فلا تتجهم ولا تتضايق ولا تتهمهم بقلة الوعي ونقص التربية والثقافة، وبدلاً من ذلك تذكر أنه العيد والكل فرحان وسعيد. وإن رفع عليك تاجر الأغنام السعر فلا تسأله عن السبب، ولا تفكر ولو مجرد تفكير في اتهامه بالطمع والجشع والتلاعب، ولا تحاول أن تتصل على وزارة التجارة، فرفع أسعار الأغنام لا يصنف ضمن الغش التجاري، وخيارك المتاح فقط هو أن تتذكر أن اليوم العيد والكل فرحان وسعيد. ولو جاءتك حرمك المصون تخبرك بأن البيت ما فيه قهوة ولا تمر وحليب الأطفال «خلص»، فلا تثور في وجهها، ولا تسألها ماذا كانت تشتري إذاً خلال ترددها على الأسواق في الليالي العشر الفائتة، وبدلاً من السؤال، اذهب طوعاً أو كرهاً إن أردت لإحضار ما يحتاجه المنزل، وتذكر أنه يوم العيد والكل فرحان وسعيد. ولا تبتئس أيضاً وتتشكى أن منعك حارس المتنزه أو مدينة الملاهي والألعاب من الدخول بحجة أن الدخول للنساء والأطفال فقط، ولا تسأل لماذا أنت محروم من الفرح لأنك رجل، وتذكر فقط أنه العيد والكل فرحان وسعيد. وفي حال كونك ملزماً بالسفر بالخطوط السعودية للسلام على والديك ومعايدتهم في مدينة أخرى، فلا تصدق ما يقال عن تأخر إقلاع الطائرات أربع وخمس ساعات، وإنما تأخرها هذا اليوم بسبب أنه العيد والكل فرحان وسعيد، ولا تنتظر خلال جلوسك على كراسي المطار الحديدية - المريحة جداً للظهر - مضيفاً ليرد صدى صوتك عن سبب التأخير، أو موعد إقلاع الرحلة، وإنما ابتسم واحتسب وأكثر من التسبيح والتهليل وتذكر أنه العيد والكل فرحان وسعيد. وأحذرك أن يخطر ببالك سؤال مثل إذا كانت هذه مقاعد المطار، فكيف هي إذاً مقاعد السجن؟ فالتساؤل ممنوع، أو بمعنى أصح ليس هذا وقته، وتذكر فقط انه العيد والكل فرحان وسعيد. وأخيراً، فإن كنت مضطراً لقراءة هذا المقال إلى النهاية، ووجدت أن كاتبه أكثر من السوداوية في يوم يجب أن يكون أبيض، فلا تفقد أعصابك وتثور وتشتم الكاتب والصحيفة، أو تلعن فرحاناً ومثله سعيداً، ولكن تذكر ثم تذكر جيداً أنه العيد ولا بد أن تمثل الدور بإتقان، لتظهر انك فرحان وسعيد، وتنسى كل ما يضايقك ولو ليوم واحد في العام على الأقل. اقتصادي سعودي www.rubbian.com