طالب رجال دين عراقيون أمس بإيجاد حل جذري لمواجهة حملة اغتيالات تستهدف الأئمة السُنّة المعتدلين، بعد ذبح أحدهم في ديالى وإحراق جثته. وقال الرائد في شرطة ديالى فراس الدليمي لوكالة «فرانس برس» ان «مسلحين مجهولين قتلوا نحراً إمام وخطيب مسجد قرية سنسل الشيخ عبدالجبار صالح الجبوري (42 سنة) وأحرقوا جثته أمام منزله» فجر أمس في ناحية المقدادية الواقعة في محافظة ديالى، شمال شرقي بغداد. وأوضح أن «المسلحين احتجزوا الشيخ الجبوري في إحدى غرف منزله وقتلوه نحراً ثم قاموا بعد فصل الرأس عن الجسد بنقل الجثة وحرقها أمام المنزل قبل أن يلوذوا بالفرار». والإمام المغدور هو ابن عم النائب سليم الجبوري عضو «جبهة التوافق». وهو أب لثلاثة أطفال، عاد قبل أشهر إلى منزله بعد ان تعرض للتهجير. وكان دعا إلى محاربة المتطرفين والمتشددين، وتلقى تهديدات تطالبه بالرحيل عن القرية التي كانت طوال السنوات الماضية أحد معاقل تنظيم «القاعدة» في ديالى. وأكد إمام جامع الأمين في الدورة الشيخ محمد العيثاوي ل «الحياة» أن رجال الدين المعتدلين «تحولوا إلى أهداف مرصودة لتنظيم القاعدة المتشدد بعد انسحاب قوات الصحوة، وباتوا يتعرضون لضربات انتقامية نتيجة اعتدالهم وابتعادهم عن التشدد الديني والتحريض الطائفي». وأوضح أن «القاعدة قتلت أكثر من 38 من رجال الدين المعتدلين في العامين الماضيين في عملية تصفية الحساب التي شنتها ضد من وقفوا ضدها في سنوات الاحتقان الطائفي وطالبوا بمحاربة الإرهاب». واعتبر إمام جامع النور في الأعظمية الشيخ صالح الدليمي حوادث اغتيال رجال الدين «انتقاماً من قبل المتشددين». وقال ل «الحياة» إن «الحكومة العراقية تتحمل مسؤولية كبيرة في توفير الحماية لرجال الدين المعتدلين بعدما حلت مجالس الصحوات التي كانت تشرف على حماية الجوامع والمناطق التي يقطنونها». وطالب ب «إعادة عناصر الصحوات إلى العمل في المناطق السُنّية أو على الأقل السماح لهم بحماية الجوامع ورجال الدين». إلى ذلك، دعا ديوان الوقف السني الأجهزة الأمنية أمس إلى «وقف عمليات الاعتقال التي تستند إلى المخبر السري»، مطالباً ب «إجراء التحريات الدقيقة عند تنفيذ أوامر الاعتقال، لتجنب اعتقال الأبرياء». وأكد رئيس الوقف أحمد عبدالغفور السامرائي أثناء تجمع مراقبة هلال عيد الفطر، إن «هناك الكثير من الاعتقالات التي طاولت رجال دين وعناصر الصحوات وقادتها استناداً إلى تقارير كاذبة من مخبرين سريين». ولفت إلى «وقوع مشاكل كثيرة واعتقال عشرات الأبرياء من دون أدلة من طريق المخبر السري»، مبيناً أن «القوات الأمنية تعتقل هؤلاء قبل أن تتأكد من المعلومات المتوافرة لديها، وهو السبب الرئيس في دخول مجموعة من الأبرياء إلى السجون». ودعا إلى «التحري الدقيق والتشخيص اثناء تنفيذ عمليات الاعتقال». وتعترض كتل سياسية عراقية على عمل المخبرين السريين، وتطالب بعدم الاعتماد على المعلومات التي يدلون بها، نظراً إلى أن معظمهم يدلي بمعلومات غير صحيحة وكيدية. لكن مراقبين يرون أن الدعوات إلى تفعيل الجانب الاستخباري لاستباق عمليات العنف قبل وقوعها لا تستقيم مع الاعتراضات على استخدام المخبر السري، وهي اعتراضات عادة ما تأتي بعد كل عمليات اعتقال تلي وقوع حوادث عنف، ما يشكل مفارقة للأجهزة الأمنية التي إذا عمدت إلى تفعيل الجانب الاستخباري الذي تدعو إليه كل الجهات السياسية والأمنية والأهلية، فإنها تصطدم لاحقاً بمعارضة البعض إذا كان الاعتقال موجهاً إلى أتباعه.