أَبُو أَيُّوْب الأَنْصَارِيُّ، اسْمُهُ: خَالِدُ بنُ زَيْدٍ بنِ كُلَيْبٍ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَبْدِ عَمْرٍو بنِ عَوْفٍ بنِ غَنْمٍ بنِ مَالِكٍ بنِ النَّجَّارِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الخَزْرَجِ. وأمّه هند بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، وأبو أيوب البَدْرِيُّ خَصَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنُّزُوْلِ عَلَيْهِ فِي دارهِ في حيّ بَنِي النَّجَّارِ، إِلَى أَنْ بُنِيَتْ لَهُ حُجْرَةُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ سَوْدَةَ بنت زمعة، وَبَنَى المَسْجِدَ النبويَّ الشَّرِيْفَ. وأبو أيوب الانصاري هو أشهرُ الصحابة الذين دُفنوا في مدينة اسطنبول عاصمة الخلافة الإسلامية العثمانية عام 52 ه/ 672 م. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أبو أيوب أحدُ السبعين الذي بايعوا في العَقَبَةَ الثَّانِيَةَ، وحضر بدراً وأُحُداً والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهِدَ أيضاً غزوات الخلفاء الراشدين، وغزوات أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين. وكان أبو أيوب الأنصاريّ شجاعاً صابراً تقياً محباً للغزو والجهاد. وكان يسكن المدينة في عهد الخلفاء الراشدين، ثم رحل إلى الشام في خلافة معاوية. وكان أبو أيوب أحد الأنصار الخمسة الذين جمعوا القرآن الكريم. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ: جَمَعَ القُرْآنَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مُعَاذٌ بن جبل، وَعُبَادَةُ بن الصامت، وَأُبَيُّ بن كعب، وَأَبُو أَيُّوْبَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ. قال الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمّ المُؤْمِنِيْنَ: صَفِيَّةَ بِنْت حُيَيِّ بنِ أَخْطَبَ بنِ سَعْيَةَ، مِنْ سِبْطِ اللّاوِي بنِ يعقوب بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخليل، بَاتَ أَبُو أَيُّوْبَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ، فَرَأَى رَسُوْلَ اللهِ كَبَّرَ، وَمَعَ أَبِي أَيُّوْبَ السَّيْفُ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، كَانَتْ جَارِيَةً حَدِيْثَةَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، وَكُنْتَ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا وَزَوْجَهَا؛ فَلَمْ آمَنْهَا عَلَيْكَ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ خَيْراً. وقيل: قال له: حرسك الله حياًّ وميتاً. فحرسه الروم منذ وفاته عام 52 ه/ 672م، ثم حرسه العثمانيون بعد فتح القسطنطينية عام 857 ه/ 1453م، وما زالت حراسته مستمرة بفضل دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أجريت مراسم بيعة سلاطين وخلفاء آل عثمان بتقلُّد سيف عثمان الأول في جامع أبي أيوب الأنصاري بعد فتح القسطنطينية. ذَكَرَ خَلِيْفَةُ: أَنَّ عَلِيّاً اسْتَعْمَلَ أَبَا أَيُّوْبَ عَلَى المَدِيْنَةِ. وَقَالَ الحَاكِمُ: اعتزل أَبُو أَيُّوْبَ الفتنة، ولَمْ يَشْهَدْ مَعَ عَلِيٍّ حرب صِفِّيْنَ. ولكنه شَهِدَ معركة النهروان مَعَ عَلِيٍّ بن أبي طالب ضدّ الخَوَارِجِ. روى الإمام البخاري في الجامع الصحيح عن أُمّ حَرَامٍ النجّارية الأنصارية خالة أنس بن مالك، وزوجة عبادة بن الصامت أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ هَذَا الْبَحْرَ، قَدْ أَوْجَبُوا. قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: أَنْتِ فِيهِمْ. وقَالَ رَسُولَ اللهِ: أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ، مَغْفُورٌ لَهُمْ. وكانت وفاة أم حرام في قبرص عام 27 ه/ 647م، وعلى ضريحها جامع يسميه الأتراك: جامع خالة سلطان. وجاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل حديث تحت الرقم: 18957، عن عَبْداللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ» قَالَ فَدَعَانِي مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ (ت 120 ه/ 738م) فَسَأَلَنِي فَحَدَّثْتُهُ فَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ عام 96 ه/ 714 م، واستمر حصارها حتى وفاة أمير المؤمنين سليمان بن عبدالملك بن مروان في دابق عام 99 ه/ 717، وبنى مسلمة جامع العرب في القسم الأوروبي الشمالي من اسطنبول. وكان الحصار الأول للقسطنطينية في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عام 49ه/669م إذ وصلتها القوات الأموية البرية بقيادة مالك بن هبيرة السكوني، والقوات البحرية بقيادة كل من: فضالة بن عبيد الليثي، وسفيان بن عوف العامري، ويزيد بن شجرة الرهاوي، ففتحوا القسم الآسيوي، وجاء الشتاء، فاستنجد القائد فضالة بن عبيد الليثي بأمير المؤمنين معاوية طالباً منه أن يمدّه بقوات إضافية، فأرسل معاوية رضي الله عنه مدداً من الجيش بقيادة فتى العرب ولده يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وزحفوا جميعهم نحو القسطنطينية، فاجتازوا مضيق البوسفور غرباً، واتخذوا من مخزن الرصاص جامعاً في قره كوي، ثم اجتازوا خليج القرن الذهبي جنوباً، وعسكروا إلى الغرب من أسوار القسطنطينية فحاصروها ما يقرب من ستة أشهر إضافية في فصليّ الربيع والصيف. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: روى الوَلِيْدُ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِالعَزِيْزِ، قال: أَغْزَى مُعَاوِيَةُ ابْنَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ، حَتَّى أَجَازَ بِهِمُ الخَلِيْجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ عَلَى بَابِهَا، ثُمَّ قَفَلَ الجيشُ راجعاً إلى الشام براًّ وإلى مصر بحراً بعد وفاة أبي أيوب الأنصاري. وكان في ذلك الجيش المغفور له بإذن الله: أبو أيوب الأنصاري، والحسين بن علي بن أبي طالب، وعبدالله بن عمر بن الخطاب، وعبدالله بن الزبير بن العوام، وعبدالله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهم أجمعين. روى الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ: أَنَّ أَبَا أَيُّوْب غَزَا زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ، قَالَ: إِذَا صَافَفْتُمُ العَدُوَّ، فَادْفِنُونِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ. ولمّا مَرِضَ أبو أيوب، وَكانَ قائدَ الجَيْشِ يَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ، فَأَتَاهُ يَعُوْدُهُ، فَقَالَ: حَاجَتَكَ يا أبا أيوب؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا أَنَا مِتُّ، فَارْكَبْ بِي، ثُمَّ تَبَيَّغْ بِي فِي أَرْضِ العَدُوِّ مَا وَجَدْتَ مَسَاغاً؛ فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغاً، فَادْفِنِّي، ثُمَّ ارْجِعْ. فَلَمَّا مَاتَ رَكِبَ بِهِ، ثُمَّ سَارَ بِهِ، ثُمَّ دَفَنَهُ. وَكَانَ يَقُوْلُ: قَالَ اللهُ: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} [سورة التَّوْبَة، الآية: 41] لاَ أَجِدُنِي إِلَّا خَفِيْفاً أَوْ ثَقِيْلاً. قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو أَيُّوْبَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيْدُ، وَدُفِنَ بِأَصْلِ حِصْنِ القُسْطِنْطِيْنِيَّةِ، فَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرُّوْمَ يَتَعَاهَدُوْنَ قَبْرَهُ، وَيَرُمُّوْنَهُ، وَيَسْتَسْقُوْنَ بِهِ فيُسقون. وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.