ميلانو (ايطاليا) - رويترز - أكدت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أمس، ان موسم زراعة القمح المقبل في باكستان يواجه أخطاراً بعدما دمرت الفيضانات العارمة أكثر من نصف مليون طن من البذور في ثالث أكبر منتج للقمح في آسيا. وقالت «فاو» في بيان: «دمرت أسوأ فيضانات تشهدها باكستان منذ عقود 3.6 مليون هكتار من الذرة والأرز والقطن وقصب السكر، في وقت فقدت نحو 1.2 مليون رأس ماشية وستة ملايين من الدواجن». ميدانياً، شملت عمليات فريق الاغاثة السعودي قرية عبدالواحد سومرو (جنوب) التي غرقت بالكامل تقريباً منذ ثلاثة ايام بمياه تجاوز ارتفاعها اربعة امتار من المياه. ويسكن هذه القرية بعض أثرياء السند الذي نصبوا خيماً في باحات منازلهم وسط السيول أو أقاموا على أسطحها، رافضين تركها فريسة للنهب. وعكست ملامحهم المرهقة من وجودهم وسط مستنقع هائل النقطة الوحيدة المشتركة بينهم وبين غالبية ضحايا الفيضانات من ملايين القرويين النحيلين الذين تشتتوا منذ أسابيع على الطرقات مع نسائهم وأطفالهم. وامتلكت غالبية الاثرياء موارد لارسال عائلاتهم الى اماكن آمنة في كراتشي أو حيدر اباد قبل ثلاثة ايام، حين حطم نهر السند سداً قريباً من بلدة فقير جوغوث واجتاح السهل، فيما فر القرويون الذين كانوا يزرعون حقول الموز وقصب السكر والقطن في مقابل أجر يراوح بين 200 و500 روبية (2 الى 5 يورو) يومياً لعجزهم عن مواجهة السيول التي دمرت منازلهم الطينية. ويتوقع ان يُحرم القرويون من العمل بعد انحسار الفيضانات بسبب تلف المحاصيل، ويُعانون من الفقر المدقع في محاولتهم اعادة بناء حياتهم في الوادي الذي يحتاج ايضاً الى بناء سدود اكثر متانة. الى ذلك، أبدت مصادر طبية خشيتها من تزايد عدد المرضى بسبب الاوبئة ونقص الغذاء وسوء التغذية. وقال عاشق حسين مالك، المشرف الطبي على المستشفى الرئيسي في مظفرجاره باقليم البنجاب: «مهما كان مخزون الادوية الذي لدينا، فانه اوشك على النفاد، في وقت سيتضاعف بالتأكيد عدد المرضى خلال الايام المقبلة» وأشار الى معاناة نحو 60 في المئة من المرضى من اوجاع معوية واسهال وامراض معدية في الجلد والعيون، و»غالبيتهم في حالة سيئة جداً»، علماً ان الأممالمتحدة حذرت من امراض وشيكة تنقلها المياه بينها حمى التيفوئيد والزحار الاميبي والتهاب الكبد الوبائي والملاريا وحمى الدنج. وقال انتوني ليك، المدير التنفيذي لصندوق رعاية الطفولة (يونيسيف) التابع للامم المتحدة إن «الفيضانات تمثل حال طوارئ بالنسبة الى الاطفال الذين اصابت الفيضانات نحو 8.6 مليون منهم، أي نسبة 50 في المئة من اجمالي المنكوبين». واضاف: «هؤلاء الاطفال يجب الوصول اليهم وتغذيتهم، وتقديم مياه لهم وتحصينهم ضد الامراض». وتحذر منظمات الاغاثة من ان غمر المياه جزءاً كبيراً من الاراضي الزراعية في بلد يعتمد بشكل كبير على الزراعة فان الكارثة في باكستان يمكن ان تستمر شهوراً عدة. ولحقت أضرار بنحو 7.9 مليون فدان على الاقل، أي نحو 14 في المئة من اجمالي الارض المزروعة في باكستان. وقالت جوزيت شيرير، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، بعد زيارتها مناطق منكوبة في جنوب البنجاب: «على صعيد الحجم والمدى، فإن هذه الكارثة هي الأفدح التي يجب ان يتصدى لها برنامج الغذاء العالمي. وربما يستمر نقص الغذاء وارتفاع الاسعار سنة على الاقل».