أطلق الاتحاد الأوروبي أمس قوة جديدة لحرس الحدود وخفر السواحل، يأمل في أن تشكّل خطوة أولى لحماية حدوده ولتجنّب موجات أخرى من الهجرة غير الشرعية التي صدّعت العلاقات بين دول التكتل. ودخل الاتحاد حوالى 1.3 مليون لاجئ العام الماضي، استقبلت ألمانيا معظمهم، وتوزّع المتبقون على الدول الإسكندنافية وبلدان أخرى. وما زال مئات الآلاف يقبعون في معسكرات في جزر يونانية، بعدما أُقفِلت أمامهم طرق البلقان، علماً أن دولاً في وسط أوروبا وشرقها رفضت سياسة «الباب المفتوح» التي تبنّتها ألمانيا، وشيّدت جدراناً وأسواراً، ما هدّد معاهدة شنغن. وساهمت أزمة الهجرة في صعود حركات شعبوية في الاتحاد، كما اعتُبِرت أحد أسباب تصويت البريطانيين على الانسحاب منه. وفي خطوة رمزية، اختار مسؤولو الاتحاد معبر «كابيتان أندريفو» الحدودي بين بلغارياوتركيا، حيث يتدفّق المهاجرون، لإطلاق «وكالة خفر السواحل والحدود الأوروبية» التي تخلِف وكالة الحدود الخارجية «فرونتيكس» التي عجزت عن السيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد، بسبب سلطاتها المحدودة ونقص في موظفيها. لكن الوكالة الجديدة ستضمّ أكثر من ضعفَي عدد موظفي «فرونتيكس»، وستتمتع بسلطات جديدة. وتمكن الوكالة تعبئة 1500 من حرس الحدود في الحالات الطارئة، تجمعهم من الدول الأعضاء، من أجل مواجهة أزمة تدفق مهاجرين وأي أزمة أمنية تهزّ حدود الاتحاد، براً وبحراً وجواً. وسيتمركز ضباط اتصال في دول من الاتحاد لديها حدود مع الخارج، بينها بلغاريا، من أجل مراقبة الحركة. وقال المدير التنفيذي للوكالة فابريس ليجيري إنها «ستحلّل الأوضاع في الحدود الأوروبية، لتحديد نقاط الضعف، ولكي تستبق أزمات طارئة». وأضاف أنها ستتمكّن من تقديم دعم عملاني لبلدان مجاورة من خارج الاتحاد، تطلب مساعدة على حدودها وتبادلاً لمعلومات استخباراتية في شأن نشاطات جنائية عبر الحدود. كما ستشارك الوكالة في ترحيل مهاجرين رُفِضت طلبات لجوء قدّموها أو اعتُبروا تهديداً أمنياً. وستكون قادرة أيضاً على تنفيذ عمليات على الحدود، بما في ذلك بحث وإنقاذ، من دون انتظار طلب من البلد المعني. وستتيح مهمة الوكالة عودة تدريجية لحرية التنقل في فضاء شنغن الذي يشكّل إحدى ركائز الاتحاد الأوروبي. وتحدث المفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والمواطَنة والهجرة ديميتريس أفراموبولوس، عن «لحظة تاريخية»، لافتاً إلى أن مهمة الوكالة تشكّل «رداً على ضعف كبير أبداه الاتحاد خلال أزمة الهجرة». واعتبر أن تأسيس الوكالة هو «رمز لاتحاد أوروبي يُثبت كفاءته في التصدي لتحدّيَي الهجرة والأمن». وأضاف: «الباب مفتوح للمؤهلين لنيل حماية دولية، ومُغلق أمام الذين يريدون عبور حدودنا في شكل غير قانوني. وكل نقطة حدودية لبلد عضو في الاتحاد باتت نقطة حدود جماعية لكل الدول الأعضاء، قانونياً وعملياً». واعتبر رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف، أن إطلاق الوكالة في بلاده «يشكّل تشجيعاً» على مواصلة تأمين حدودها، علماً أنها تسعى إلى إطالة سياج عال من أسلاك شائكة، لتغطية الجزء الأكبر من حدودها مع تركيا، والذي قلّص عدد المهاجرين الآتين منها بمقدار الثلث هذه السنة. وأضاف بوريسوف: «هذا لم يَعُد الاتحاد الأوروبي الذي أحببنا انتقاده، اذ أظهر قدرته على أن يكون سريعاً وفاعلاً وموحداً، واتخاذ تدابير عملية». ورأى نائب أوروبي معني بهذا الملف، أن الوكالة الجديدة تمثّل «خطوة أولى ضرورية»، مستدركاً أنها «ليست علاجاً سحرياً يمكن أن يسوّي أزمة الهجرة». في فيينا، أعلن وزير الخارجية الليبي طاهر سيالة أن بلاده تعارض اقتراح مسؤولين أوروبيين أن تُقام على أراضيها مخيمات لمهاجرين يرغبون في بلوغ أوروبا. واعتبر أن الاقتراح يعني أن الاتحاد «يرفض تحمّل مسؤولياته ويلقيها على أكتافنا».