خطا الاتحاد الأوروبي أمس، خطوة جديدة، سعياً إلى استعادة السيطرة على حدوده الخارجية، مع طرح مشروع تشكيل قوة أوروبية من حرس الحدود وخفر السواحل، يكون بوسع المفوضية الأوروبية نشرها بما في ذلك من خلال فرضها على دول متمنعة. وواجه المشروع مقاومة من دول الاتحاد الأوروبي لكونه يمس سيادتها الوطنية. غير أن المفوضية الأوروبية التي عرضت خطتها بصورة مفصلة على البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ أمس، مصممة على القيام بتحرك جريء وقوي في مواجهة أزمة الهجرة التي تهز الاتحاد الأوروبي، وهي الأخطر منذ 1945. والهدف هو تفادي أن تتسبب الفوضى المخيمة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية، في وضع حد لحرية التنقل داخل فضاء «شنغن»، والتي تعتبر من ركائز الاتحاد الأساسية. وأحصت المفوضية الأوروبية نحو 1,5 مليون حالة عبور للحدود بصورة غير شرعية منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، قام بها مهاجرون واصلوا طريقهم داخل أوروبا من غير أن يتم تسجيلهم وفق الأصول. وحمل هذا الوضع الكثير من الدول مثل ألمانيا والنمسا وكذلك السويد على إعادة فرض رقابة بصورة موقتة على حدودها، في مؤشر إلى فقدان الثقة في دور الدول الواقعة على الخط الأول في ضبط الحدود الخارجية. وقال المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة ديمتريس إفراموبولوس أن الدول الأعضاء في الاتحاد «غير مهيأة» لمواجهة تدفق طالبي اللجوء و «لا يمكنها التحرك وحيدة». وأضاف: «نحن في حاجة إلى (جهاز) أوسع ومنظم في شكل أفضل» من الأدوات الحالية، واصفاً خطة تشكيل حرس حدود أوروبي بأنها «مشروع جريء». والقوة التي ستحل محل وكالة «فرونتكس» الأوروبية الحالية يمكن أن يصل عديدها إلى بضعة آلاف العناصر بحلول 2020. وورد في وثيقة للمفوضية الأوروبية أنه «يتحتم على الدول الأعضاء أن تؤمن ما لا يقل عن 1500 عنصر من حرس الحدود» تمكن تعبئتهم في غضون أيام، في حين أن الدول الأعضاء تتأخر حالياً في تزويد «فرونتكس» قوات ضرورية. ونصت الوثيقة خصوصاً على أنه «في الحالات الطارئة»، فإن القوة الجديدة «يجب أن يكون في وسعها التدخل للسهر على اتخاذ التدابير على الأرض حتى في حال عدم صدور طلب مساعدة من الدولة العضو المعنية أو حين تعتبر هذه الدولة العضو أن لا حاجة لتدخل». ولا تسمي الوثيقة أي دولة غير أن ما تنص عليه ينطبق على اليونان، وإن كانت أثينا طلبت أخيراً تدخلاً من «فرونتكس» على حدودها، فهي قاومت كثيراً قبل ذلك، ضغوط بروكسيل التي تود في المستقبل التزود وسائل ملزمة. غير أن الحق في التدخل لا يأتي إلا بعد آلية تدريجية، ذلك أن المفوضية تمتلك السلطة في نهاية المطاف «لاتخاذ التدابير العملانية المناسبة» بمبادرة ذاتية، وفق النص الذي تطرحه. لكن مصدراً مطلعاً أكد أنه «لن يكون من الممكن في أي من الأحوال أن يتدخل حرس الحدود الأوروبي في عملية على حدود من دون موافقة البلد المعني»، مشيراً بذلك إلى أن المطلوب زيادة الضغط على هذه الدولة من أجل أن تقوم بالمطلوب بنفسها وبمساعدة أوروبية. وبعد طرح المشروع أمس، بُدِئَ بحثه في البرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا، الهيئة التي تضم الدول الأعضاء. وعلى رغم دعم برلينوباريس له، من المتوقع أن يواجه تحفظات شديدة من دول ترفض التخلي عن أي جزء من سيادتها. وقال وزير الخارجية البولندي فيتولد فاجتشيكوفسكي الإثنين أن إبدال «فرونتيكس» بهيئة مستقلة عن الدول الأعضاء «أمر مثير للصدمة». ويندرج تشكيل قوة أوروبية جديدة من حرس الحدود ضمن سلسلة من التدابير الجديدة التي عرضت أمس، وتتضمن مراجعة اتفاقين في إطار «شنغن» بهذا الخصوص نزولاً عند طلب ملحّ من فرنسا. والتعديل سيكون مهماً، إذ سيسمح ببسط عمليات المراقبة المنهجية والمعمقة التي تُجرى عند دخول فضاء «شنغن» لتشمل المواطنين الأوروبيين أيضاً. ومنذ اعتداءات باريس التي أوقعت 130 قتيلاً، والتي دخل بعض منفذيها إلى أوروبا عبر الطرق التي يسلكها المهاجرون، باتت مسألة الهجرة تثير مخاوف أمنية متزايدة.