رحلت الطفلة ريم الرشيد، إلا أن جريمة مقتلها حفرت عميقاً في وجدان السعوديين من أقصى شرق البلاد، حيث وقعت الجريمة إلى غربها، من شمالها إلى جنوبها، مروراً في العاصمة الرياض. وعلى رغم أن ريم لم تكن الطفلة الأولى التي تقتل في هذا المجتمع، إلا أن تجدد جرائم قتل الصغار من أشخاص قريبين منهم (الأبوان، أو زوجة الأب، أو العاملة المنزلية)، وبهذه الوحشية، صدم المجتمع السعودي. وعلى وقع الصدمة تساءل كثير من السعوديين: كيف وقعت الجريمة؟ في ظل بيان مقتضب صدر من شرطة المنطقة الشرقية، لم يقدم سيناريو متكامل لما جرى، لا بل أن شرطة الشرقية اتهمت أم الطفلة بقتلها، قبل أن تتراجع وتوجه الأصابع الاتهام إلى زوجة أبيها. "الحياة" لملمت نتفاً من حكاية ريم الرشيدي وزوجة أبيها، وأعادة تركيب لوحة البازل، لتقدم سيناريو لما جرى. وفي تفاصيل كشفتها "الحياة" لتسلسل لأحداث الجريمة؛ قامت زوجة الأب باستخدام بطاقة العائلة لأخذ الطفلة ريم الرشيدي، والتي لم تكمل الأسبوعين منذ وطأت قدماها أرض مدرستها الابتدائية في حي محاسن بمحافظة الأحساء، وتداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي أنها أخذتها "بطريقة غير نظامية" عند التاسعة صباحاً، بعد أن درست الحصتين الأولى والثانية. أخذت الزوجة ريم، والتي كانت ترتدي المريول الوردي، قبل أن تذبحها بدم بارد بالسكين، ونقلت مصادر إعلامية عن شاهد في المنطقة إنه "رأى زوجة الأب خلال إقدامها على تنفيذ جريمتها في تمام التاسعة صباحاً قبل أن يهم باللحاق بها وهي تهرب إلى منزلها (قريب جداً من المدرسة)، ويبلغ الجهات الأمنية التي قامت بإغلاق الموقع والقبض عليها". وفي رواية أخرى، أشارت مصادر إعلامية إلى أن أحد المارة من المواطنين رأى الجانية، وهي تقوم برمي جثة الطفلة، وتابعها بهدوء حتى تعرف على المنزل الذي دخلت فيه، ثم قام بإبلاغ الجهات الأمنية، والهلال الأحمر الذين باشروا موقع الحادث. وأطاحت الجهات الأمنية في الجانية في وقت قياسي، بعد التواصل مع شاهد الجريمة، إذ تم القبض عليها، ويجرى التحقيق معها لمعرفة دوافع الجريمة، وإحالتها الى هيئة التحقيق والإدعاء العام بحكم الإختصاص. فيما نقلت جثة الطفلة البريئة ريم إلى ثلاجة الموتى في أحد المستشفيات، بعد الانتهاء من الإجراءات الجنائية. وكان الناطق الأمني لشرطة المنطقة الشرقية العقيد زياد الرقيطي، أكد في بيان صحافي صدر أمس (الإثنين)، أنه "عند تلقي البلاغ باشر المختصون في الشرطة إجراءات الضبط الجنائي للجريمة والتحقيق فيها، إذ تبين إقدام زوجة والد الطفلة، وهي مواطنه ثلاثينية، على نحرها خارج المنزل، وتم القبض عليها والتحفظ على الأداة المستخدمة في الجريمة، ونقل جثمان الطفلة إلى المستشفى، لاستكمال الاجراءات اللازمة، تمهيداً لإحالة ملف القضية إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام". من جانبها، أعلنت الإدارة العامة للتعليم في محافظة الأحساء أمس، عن فتح تحقيق خاص في حادثة ذبح الطفلة ريم الرشيدي في الابتدائية ال21 في مدينة المبرز، على يد زوجة أبيها. ونقل بيان أصدرته "تعليم الأحساء" أن مديرها العام أحمد بالغنيم أعرب عن "تعازيه الصادقة ومواساته إلى أسرة الإبنة ريم الرشيدي. ووجه بفتح تحقيق في الحادثة، والوقوف على تفاصيلها، وإجراء التحقيقات اللازمة، وذلك بالتنسيق مع الجهات الرسمية ذات العلاقة". فيما أفادت مصادر أن القاتلة هي واحدة من أربع زوجات لوالد الطفلة ريم، من دون أن يتضح إن كان هناك خلاف بين والدة الضحية وزوجة أبيها قد تسبب في وقوع تلك الجريمة، إلا أن مصادر أشارت إلى أنه بعد إلقاء القبض على القاتلة وتحويلها إلى هيئة التحقيق لم يتضح عليها أي شعور بالندم أو الحزن على ما قامت به. يذكر أنه سجلت المحاكم الشرعية في المملكة خلال العام الماضي 177 قضية عنف ضد الأطفال والنساء، إضافة إلى قضايا عنف أسري متنوعة. فيما أخضعت وزارة العدل أكثر من 40 قاضياً من قضاة محاكم الأحوال الشخصية والمحاكم الجزائية إلى برنامج تدريبي حول «العنف الأسري مفهومه وصوره»، يناقش الإجراءات القضائية اتجاهه، وذلك للتصدي لقضايا العنف التي بدأت تتزايد خلال الفترة الماضية، لا سيما بعد رصد أكثر من 12 ألف قضية عنف ضد الأطفال في المحاكم السعودية، إلى جانب 12 قضية عنف ضد المرأة، و152 قضية عنف أسري.