تفاعلت عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي أول من أمس الأحد وسأل فيها: «كيف يقبل أي مرشح للرئاسة الأولى، ذي كرامة وإدراك لمسؤولياته، أن يعرى من مسؤولياته الدستورية، بفرض سلة شروط عليه غير دستورية، وأن يحكم كأداة صماء»؟ وعما إذا كانت هذه السلة تحل محل الدستور والميثاق الوطني؟. وشهدت بكركي في هذا الإطار حركة اتصالات ولقاءات، تناولت الملف الرئاسي. ومن أبرز المتصلين بالبطريرك، الرئيس أمين الجميل الذي عرض معه التطورات الداخلية وخصوصاً الفراغ الرئاسي، وشكره على العظة التي ألقاها أمس وتأكيده الحرص على موقع الرئاسة. وأشارت مصادر بكركي وفق «صوت لبنان» إلى أن عظة البطريرك نالت التأييد من مختلف الشخصيات السياسية والطوائف. ولفتت إلى أن «بكركي لن تدخل في سجال أو رد على أحد، والموقف سيتخذه مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهري (غداً) الأربعاء». وكان الراعي التقى قبل ظهر أمس في بكركي، وفداً من «اللقاء الديموقراطي» والحزب التقدمي الاشتراكي ضم النائبين هنري حلو وإيلي عون، نائب رئيس الحزب التقدمي كمال معوض وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر ومفوض الإعلام رامي الريس. وقال حلو بعد اللقاء: «كلفنا (رئيس اللقاء الديموقراطي) النائب وليد جنبلاط شكر البطريرك على رعايته تدشين كنيسة سيدة الدر، وهذه المناسبة مهمة للغاية عندما نتكلم عن العيش المشترك والمصالحة لأن من خلال هذه المناسبة عززنا مصالحة الجبل التي حصلت منذ 15 عاماً وهذه صورة البلد التي نريدها». وعن موقف البطريرك في عظة الأحد، قال: «ما يهمنا هو كسر الجمود والوصول إلى حلول وهذا ما يسعى إليه الرئيس سعد الحريري وهو حراك جدي». وأمل بأن «تثمر هذه الجهود ليصل لبنان إلى بر الأمان، فمفتاح الحل انتخاب رئيس للجمهورية. لذلك، على النواب النزول إلى البرلمان وانتخاب رئيس للحفاظ على لبننة الاستحقاق لأن الجهود اليوم داخلية لبنانية». ومن زوار الراعي وزير الاتصالات بطرس حرب الذي تشاور معه في مستجدات الواقع السياسي في لبنان، ومعرفة الوسائل التي تعيد بناء الدولة وتفعيل عمل المؤسسات». وقال: «نحن وصاحب الغبطة لدينا هموم مشتركة حول قيام الدولة ومؤسساتها وانتخاب رئيس وحل مشاكل الناس لأن الحكومة معطلة ومشاكل الناس تزيد. من هنا تقع المسؤولية على من يعطل هذه المؤسسات وضرورة إقناعهم بالتوقف عن هذا التعطيل». وتابع: «اتفقنا على متابعة التشاور لأن المرحلة دقيقة وتجاوزت الصراع السياسي العادي لتبلغ مصير الوطن ومستقبل لبنان والدولة اللبنانية. ومن هذا المنطلق، ستوحد الجهود للوصول إلى مخارج لكي لا يكون ثمن الخروج من المأزق هو القضاء على الحياة السياسية والديموقراطية في لبنان، بل على العكس أن يكرس الحل الأصول والدستور والقوانين في لبنان والتقاليد السياسية والمواثيق الوطنية التي من الضروري احترامها عندما نبحث عن المخارج لعودة الدولة إلى تحمل مسؤولياتها». وعن موقف الراعي في عظة الأحد، قال: «أشاركه فيه وأشكره لأنه يذكر أن لا أحد يجب أن يتنازل عن صلاحياته لكي يصل إلى الرئاسة، وأن لرئيس الجمهورية صلاحيات منحه إياها الدستور وعليه مسؤوليات وضعها له الدستور ولا يجوز أن يكبل الرئيس قبل وصوله وانتخابه فيصبح منفذاً لما يتفق عليه الآخرون. فمن يريد الترشح للرئاسة يجب أن يكون لديه تاريخ يوحي الثقة والحكمة وأن يكون قادراً على أن يدير شؤون البلد بحكمة ويأخذ في الاعتبار التوازنات السياسية لحل كل الأمور». وأضاف: «لا يجوز تكبيل الرئيس بإبقائه من دون صلاحيات يمارسها لأننا نريد حل المشكلة ضمن إطار الحفاظ على النظام السياسي والمؤسسات الدستورية بما فيها رئاسة الجمهورية، فالبطريرك عبر عن هذا الهاجس ولا يجوز أن يكون الثمن غالياً إلى هذه الدرجة أي أننا لانتخاب الرئيس نطيح صلاحياته. فماذا يبقى من الرئيس عندها؟ والحفاظ على حقوق المسيحيين لا يكون بالإتيان برئيس مقيد بالسلاسل وأن هناك برنامجاً أعد له لينفذه، فهذا ليس برئيس جمهورية إنما موظف». ولفت إلى أن الكلام الذي قاله البطريرك «سينعكس سلباً على المحادثات لإيجاد مخرج في البلد وإذا كانت المحادثات في اتجاه معين فمن الممكن لا. ولكن الكلام يعيد البوصلة إلى مكانها لأننا يجب ألا نطيح الدستور كلما أردنا البحث عن الحل. يجب احترام الدستور وإيجاد الحل المناسب لأن ما يعطل البلد هو ضرب الدستور والانقلاب عليه الأمر الذي سمح باستمرار الفراغ على صعيد رئاسة الجمهورية». وتوجه حرب بعد ذلك إلى مقر الرئاسة الثانية والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأشار بعد اللقاء إلى أن «البلد لا يزال في مأزق والأمور تتعقد، والطروحات غير المناسبة تزيد الأمور تعقيداً. وقد تداولنا موضوع الرئيس وصلاحياته، ولماذا يجري الحديث عن سلة في الوقت الذي للرئيس صلاحيات محدودة في الدستور، ومن الطبيعي أن يمارس صلاحياته وأن لا يكون مقيداً. وذكر ب «لغة السلة والاتفاق المسبق لانتخاب رئيس عام 2008، إذ كانت هناك طروحات وذهبنا إلى الدوحة لإنقاذ البلد، وآنذاك فرض على الرئيس، الذي جرى الاتفاق عليه، سلة ما، وجرى توزيع للمراكز الوزارية وللسلطة، وطلب من الرئيس ميشال سليمان أن تتشكل الحكومة على شكل ما، وقد اعترضت آنذاك على هذا الأمر واعتبرته اعتداء على الدستور وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية. وبدلاً من أن نقع في جدل حول السلة والشروط والصلاحيات، أعتقد أن من واجبنا جميعاً أن نفتش عن مخرج لأن هذا الجدل لا يفيد». وقال: «في جو مصادرة السلطة لسنتين ونصف سنة، وفي جو منع اللبنانيين من انتخاب الرئيس، وتعطيل الدستور، من الطبيعي أن نصل إلى حالة معقدة جداً تستدعي بعض الضمانات لكل الأطراف السياسيين». ودعا إلى «العودة إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيس، واتركوا الرئيس بحكمته ومعرفته أن يحكم البلد ويجد الحلول للمشاكل العالقة من دون أن نستبق الأمر ونتكلم بما سنتفق عليه لكي ينفذه رئيس الجمهورية». وعن رد بري على موقف البطريرك الراعي أجاب: «لا يعتبر رداً، هو توضيح، وأعتقد أن بكركي ليس عندها رغبة في جدل، ولا الرئيس بري. بدلاً من أن نضيع وقتاً في هذا الجدل فلنعمل لكي نجد المخارج». وعندما قيل له هل تم خلال اللقاء مع الرئيس بري توضيح الأمر؟ أجاب: «طبعاً، أكان صاحب الغبطة أم دولة الرئيس، فهما واعيان جداً لما يجري، وأعتقد أن الأمور واضحة ولا تحتاج إلى جهد كبير لكي تتوضح. وكان من الطبيعي أن يجري البحث في هذه الأمر، ولا يوجد جدل». وأضاف: «لربما من الآن إلى موعد الجلسة المقبلة نتمكن من إيجاد حل لانتخاب الرئيس. وبرأيي أنه إذا قرر الأطراف جميعاً النزول إلى المجلس وتطبيق الدستور فمن المؤكد سيكون لدينا رئيس في جلسة 31 من الجاري، ولكن إذا بقي فريق يقول لا ننزل المجلس إلا إذا ضمنا انتخاب مرشحنا، فأؤكد لكم أنه لن يكون هناك رئيس». هيئة المكتب والجلسة التشريعية إلى ذلك، يترأس رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند الثانية عشرة ظهر الاثنين المقبل في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس. ومن المرجح أن يدعو إلى عقد جلسة تشريعية في التاسع عشر منه وعلى جول أعمالها تفعيل عمل المجلس لإخراجه من التعطيل. جنبلاط في باريس: ما العمل؟ وضع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» رسماً لطائر «البوم»، وسأل باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية: «ما العمل؟». وكان جنبلاط قبل مغادرته بيروت إلى العاصمة الفرنسية باريس مساء أول من أمس، اعتبر على مواقع التواصل الاجتماعي أن «الرئاسة في متناول اليد»، مرفقاً تصريحه بوجوه ضاحكة ويد ترفع علامة النصر، وبصورة ساخرة لشخص يحارب طاحونة الهواء.