قالت شركة الأهلي كابيتال (أكبر البنوك الاستثمارية في المملكة العربية السعودية) إن الاقتصادات المتقدمة والناشئة تواجه حالياً تحديات اقتصادية جديدة ومختلفة تماماً في سياساتها، وفي حين أثبتت الآفاق المستقبلية للاقتصادات الخليجية مناعتها، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة حول نشاط القطاع الخاص المكبوت وتزايد الضغوطات التضخمية. وأضافت الشركة في تقرير أن ضعف الأسس الاقتصادية في الدول الصناعية بدرجة كبيرة أدى إلى انخفاض الضغوطات التضخمية، مشيراً إلى أن الانكماش يعرض نفسه الآن كخطر حقيقي في المدى القريب في عدد من البلدان، غير أنه على النقيض من ذلك فإن الانتعاش القوي في الأسواق الناشئة يعزز تصاعد الضغوطات التضخمية، ما استلزم تدخلات حكومية، والتي لم تكن على كل حال كافية بعد لتحويل أسعار الفائدة الحقيقية إلى الإيجابية في العديد من البلدان. وأوضحت أن الوضع في الخليج غير متساوٍ مع أن ضغوطات الأسعار بدأت في الأشهر الأخيرة بازدياد ثابت ومتساوٍ إلى حد ما في جميع أنحاء المنطقة، والاقتصادات التي مرت سوق العقار فيها بتصحيحات حادة تشهد أدنى معدلات التضخم، بينما عملت ضغوطات الإيجارات والغذاء على رفع نسبة التضخم في المملكة بشكل واضح إلى فوق 5 في المئة. وذكر كبير اقتصاديي الأهلي كابيتال الدكتور يارمو كوتيلاين، أن «عودة ضغوطات الأسعار للظهور هي إلى حد كبير بنيوية في طبيعتها، مدفوعة من قبل أسواق السلع المحدودة ونقص في المساكن، وهذا يحد بقدر كبير مقدرة صانعي القرار للتصدي لها من خلال أدوات السياسة النقدية التقليدية». وأشار إلى أن صانعي السياسات يحاولون معالجة الضغوطات التضخمية، إلا أن ارتباط العملات الخليجية بالدولار يحد من البدائل المتاحة لهم، مجبرة إياهم على اللجوء إلى مجموعة من الأدوات البديلة مثل الاحتياط الإلزامي لدى البنوك، موضحاً أن بعض البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجية، خصوصاً قطر، بدأت بإصدار سندات دين محلية بهدف امتصاص السيولة الفائضة من السوق. ولفت إلى أن ضغوطات الأسعار الأكثر شدة مع مرور الزمن تبدأ في تمهيد الطريق إلى وضع أكثر استقراراً، ومن المرجح هذا العام أن يستمر التضخم في ذروته لفترة متوسطة المدى في المملكة، وهنا يأتي قرار الحكومة بعدم تجاوز موازنة إنفاقها لهذا العام 2010، إضافة إلى الجهود المبذولة لتعزيز الأمن الغذائي من خلال الاستثمار في الزراعة، كخطوات إيجابية غاية في الأهمية. وأكد أن التحدي الحقيقي متعلق بتوقعات التضخم والذي لا يجب السماح له بالزيادة على أساس مستدام، وهذا قد يستلزم تدخلات قصيرة المدى، نظراً لهشاشة المملكة أمام صدمات عرض السلع القادمة من الخارج، وكذلك النظرة المستقبلية المتذبذبة للدولار. لافتاً إلى أن ضغوطات سعر الحبوب بسبب سوء الأحوال الجوية في روسيا وقرار منع التصدير، كلها عوامل تسلط الضوء على التحديات التي تواجه اقتصادات الخليج، والتي تستورد ما يفوق 90 في المئة من حبوبها.