يحل احتفال العالم باليوم العالمي للقهوة الذي يوافق الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، في ظل تغير طعمها ونكهتها لدى المواطن العربي الذي يعيش تقلبات سياسية لم تسهم في تذوقه للقهوة العربية أو الاستمتاع بما تحمله من ذكريات وأسرار ومعاني لعلها غير معروفة لدى كثيرين. ولم يدر بخلد مطلقو اليوم العالمي للقهوة قصة هذا البن مع المزاج العربي، ولا سيما في الوقت الذي تدل على رمزية الكرم والنخوة والقيم الأصيلة، فلذا لا تجد بيتاً عربياً يخلو من ذائقة القهوة بتنوع منابتها وطريقة تحضيرها وأسلوب عرضها، هنا يمكن أن نقارن بين اختلاف العادات لكنهم اتفقوا عليها في الاسم. القهوة العربية هي مستودع الأسرار، وعنوان يقيس بها المزاج، وتحدد من خلالها التصرفات وتبعث رائحة زكية ترصد ما يسمى بالكيف. والمواطن العربي الذي تتهادى خطواته آنذاك ما بين رمال وجبال يركب الجمل تارة ويسير على قدميه تارة أخرى يعيش في ظلال خيمة اضمحلت من لهيب الشمس وتمزقت من تأثير الأحوال الجوية المختلفة يربط في عنقه حفنة بسيطة من البُن المزروع في جبال جنوب الجزيرة العربية ليقوم بحمسها ثم طحنها ليعمل بعد ذلك على استخدام الهيل الهندي والزعفران فتبدي لوناً أصفر، ورائحة تحفظ للمكان ذكرياته لتبدأ بعد ذلك جلسة سمر يتبادل فيه المسامرون وقتاً ممتعاً كان سر ذلك اللقاء قهوة عربيةً ساحرة. كثيراً من البن يغزوا الأسواق عربياً وعالمياً وعلى رغم التحذيرات الطبية من كونها تسبب الأرق إلا أنها لا تخلوا عن حياة كثير من المجتمعات العالمية باختلاف الطرق المتبعة في تحضيرها. في اليوم العالمي للقهوة يتبادر إلى الأذهان كثير من التساؤلات عن طعم القهوة اليوم مقارنة بقهوة الماضي، وما هي أسباب تغيير الذوق والنكهة في ظل المتغيرات والثورة الحضارية التي شهدها العالم في مطلع السبعينات، لتلوم نفسها بعدها لأن القهوة ثابتة في ظل المتغيرات فكانت أصيلة في اسمها لم تتغير بتغيرات العالم وتقلباته السياسية. اهتم الأدب العربي بمذاق القهوة العربية، إذ كانت إحدى أهم المصطلحات الشعرية التي يدور حولها الأغراض الشعرية والمعاني فكانت تارة مستعارة وأخرى موصوفةً لتكون قافية الشعر ومطلعه. فقال أحدهم: قهْوَةً، لو سُقِيَتْها صخرةٌ .. أورقتْ باللّهو منها والطَّربْ. وذكرها الأصمعي في تعجيزيته الشهيرة، التي مطلعها «صوت صفير البلبل» قائلاً «وفتية سقونني قهوة كالقرنفل».