استكمل زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري مشاوراته حول الخيارات المفتوحة لإنهاء الشغور الرئاسي، ومن ضمنها خيار زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون للرئاسة، بلقاءين دسمين مساء أمس، الأول مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» ثم مع العماد عون نفسه، ما جعل جعجع الذي سبق أن تبنى ترشيح «الجنرال»، يقول إنه «متفائل أكثر من الأمس»، لكنه أكد أنه «يجب عدم انتظار موقف الحريري النهائي قريباً». كما جدد اتهام «حزب الله» بأنه لا يريد رئيساً للجمهورية ولا العماد عون، ورأى أن موقف رئيس البرلمان نبيه بري «المتصلب» بطرح تفاهمات وسلة مواضيع للاتفاق عليها قبل انتخاب الرئيس، ما كان اتخذه لو لم يكن بالتشاور مع «حزب الله». إلا أن جعجع شكر جهود الحريري لمحاولة الوصول إلى انتخابات رئاسية. وزار الحريري جعجع في مقره في معراب، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره النائب السابق غطاس خوري ومستشاره الإعلامي هاني حمود، وعقد اجتماع في حضور مسؤول التواصل في «القوات» ملحم رياشي، دام زهاء الساعة ونصف الساعة. وسئل الحريري لدى وصول عما إذا كان سيلتقي العماد عون، فبادر جعجع بالإجابة: «لنرى ماذا ستكون نتيجة المفاوضات في معراب ولاحقاً يقرر ما إذا كان سيلتقي الجنرال». إلا أن زعيم «المستقبل» وصل إلى مقر عون في الرابية زهاء السابعة والربع مساء، وعقد اجتماع حضره رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل. وكان جعجع أكد بعد اللقاء أن «الاجتماع كان في العمق وتداولنا بالطول وبالعرض في الموضوع الرئاسي، آخر 4 أو 5 أشهر كانت وجهات النظر مختلفة حول هذا الموضوع مع الشيخ سعد، لكن يمكنني أن أقول إن هذا الخلاف بدأ يضيق في الوقت الحاضر والانتخابات الرئاسية دخلت مرحلة جديدة». وقال: «أنا متفائل أكثر من المرات السابقة، ولكن لا يمكننا القول إن هناك شيئاً انتهى». وعن الوقت الذي ستستغرقه مبادرة الحريري، قال: «النتائج ستظهر قبل الجلسة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أستغرب طول فترتها». وعن رسالة بري من الفترة الزمنية للجلسة الجديدة، قال: «الرئيس بري قصد إرجاءها هذه المدة لكي تأخذ المفاوضات مداها وتصل إلى خواتيمها السعيدة». وعن زيارة الحريري عون، أجاب: «أولاً وأخيراً سيلتقي عون لكن موقفه النهائي هو سيحدده، لكن ما هو مؤكد أنه ليس مرتبطاً بموقف واحد، بل فتح على نفسه كل الاحتمالات، لذلك اجتماعنا كان مثمراً جداً بانتظار أن يستكمل الحريري جولته كاملة ويستمع إلى كل الآراء لاتخاذ الموقف النهائي، ولكن لا تنتظروه قريباً، أي غداً أو بعد غد أو اليوم الذي يليه، ولكن على الأقل أصبحنا في بداية طريق». وسئل: «هل الرئيس الوسطي من ضمن هذه الاحتمالات»، أجاب: «بالنسبة إلينا لا، أما بالنسبة إلى الحريري فهو منفتح على كل الاحتمالات». وعما إذا طرح اسم ثالث للرئاسة، قال: «نحن ندعم ترشيح الجنرال عون وما زلنا عليه وسنبقى عليه». وعن شروط يضعها بري على عون قبل أن يوافق على مبدأ الترشيح، أجاب: «ليس كلما كان هناك انتخابات رئاسية، على كل شخص وضع أغلال حديد في رجلي الرئيس، وذاك يحمله سلة تحت إبطه وذاك يضع له طاسة على رأسه، انتخابات الرئاسة هي انتخابات رئاسة الجمهورية وكل المواضيع الأخرى مطروحة في شكل مستمر على طاولة مجلس الوزراء وفي البرلمان وطاولة الحوار». ورفض جعجع «وضع مئة شرط وشرط على ظهر المرشح، كل مبدأ سلة ليس مقبولاً». وقال: «ما كان لبري اتخاذ موقفه المتقدم والمتصلب لولا التشاور والتفاهم مع «حزب الله» ولكن لنترك للأيام المقبلة أن تبين حقيقة المواقف». وأضاف: «في آخر الطريق، على حزب الله أن يختار، الأمور تذهب أكثر فأكثر إلى نهاية اللعبة، لا يمكن أحداً بعد الآن أن يختبئ وراء شعارات كبيرة، بأنه مرشحنا ولكن لا ننزل لنصوت له، ما هذا الأسلوب؟ لا تقوم بأي جهد». ورأى أن «حزب الله لا يريد رئيساً ولا يريد عون رئيساً»، متمنياً أن «أكون مخطئاً». وعن تغريدة سليمان فرنجية بأن «ترشيح الحريري عون يعيدنا إلى ترشيح أمين الجميل له عام 1989»، أجاب: «أفضل تخطي كل المواضيع الماضية، ولا أحد يمكنه إلغاء أحد في البلد». ولفت إلى أن الحريري «أبلغ فرنجية ما يريد إبلاغه إياه بما معناه أنه فتح مروحة خياراته، الحريري لديه نظرة للأمور ومجموعة مصالح ستتخذ في الاعتبار». وأكد «أنني متفائل أكثر من أمس، ولكن لننتظر الأيام المقبلة». وعن اقتراح بري للسلة، قال: «الدوحة كان استثناء وحتى هذا الاستثناء لم يفلح، وفي أقل من سنة هذا الاتفاق ضُرب من خلال الاستقالة من حكومة الحريري وإسقاطه، هذه ليست القاعدة، بل هي انتخاب رئيس ثم تبدأ الاستشارات النيابية، على ضوئها يعين رئيس الحكومة، ثم يتم تشكيل حكومة ذات أكثرية نيابية وهي تعين قائد جيش وحاكم مصرف لبنان. ولست أرى شيئاً يستدعي تعيين حاكم جديد لحاكم مصرف لبنان انطلاقاً من تصرف الحاكم الحالي الذي هو من أنجح حكام المصارف في العالم». وعن قول بري في ما خص «استباق المشكلة وتسهيل الأمور على الرئيسين والاتفاق عليهما مسبقاً»، قال: «بذلك نصعب الأمور أكثر وأكثر وتكون بخلاف طبيعتها». وعن الحديث عن أن «القوات» طالبت بوزارة سيادية: دفاع أو داخلية وهذا ما يرفضه حزب الله»، قال: «هذا مرفوض، حرمنا على مدى 20 سنة ونريد التعويض عن 30 سنة مضت». وعن موقف المملكة العربية السعودية، قال: «اتركوا السعودية قليلاً مرتاحة». وعن عودة أبو فاعور من المملكة محتاراً، قال: «كلام السعودية كان واضحاً، انتم في لبنان وأهل مكة أدرى بشعابها، وافعلوا ما هو مناسب». وعن نزول حزب «القوات» إلى جانب «التيار الوطني الحر» إلى الشارع، قال: «برأيي كل هذا البحث ليس بمكانه في الوقت الحاضر والبحث متفائل أكثر». وكان الحريري زار في إطار مشاوراته، مساء اول من أمس، يرافقه نادر الحريري، مقر الرئاسة الثانية والتقى بري، في حضور الوزير علي حسن خليل. وأوضح بيان عن المكتب الإعلامي لبري أن الجانبين بحثا خلال اللقاء الذي تخللته مأدبة عشاء، في المستجدات الراهنة والاستحقاق الرئاسي. والتقى الحريري امس في «بيت الوسط» المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ وتم عرض لآخر المستجدات في لبنان والمنطقة. بري: لا خلاف مع أي مرشح أعلن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري في بيان أمس، «أن الصحافة ووسائل الإعلام طالعتنا اليوم (أمس) بحملة، أغلبها بنيّة حسنة، تظهر الأمور كأنها خلاف شخصي بين الرئيس بري ومرشح معين. والحقيقة أن الطروحات التي قدمها ويضعها بتصرف الجميع تعكس تمسكه بجدول أعمال الحوار الوطني، وهي لا تستهدف أيّاً من المرشحين بعينه، لكنها في نظرنا الممر الإلزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية، وللحل المتكامل بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية. لذلك، اقتضى التوضيح».