نبارك مقدماً للمهندس عادل فقيه اختياره ليكون وزيراً للعمل، ونتمنى له كل توفيق في مهمته الجديدة. وأعلم يا مهندس أن وزارة العمل ليست مثل أي منصب أو وزارة أخرى، فتباين المصالح وتعاكسها هي السمة الأبرز التي تقلق بال الجالس على كرسي العمل، فالقطاع الخاص الذي يجد بديلاً أرخص من السعوديين سيتمسك بمكاسبه هذه ولن يتنازل بسهولة لقبول توظيف السعوديين، ولذا فإنهم سيتوافدون إلى مكتبكم معتذرين عن عدم قبول السعوديين، وسيقولون إن تأهيلهم غير مناسب لسوق العمل، وإنه يجب تغيير نظام التعليم ليكون متماشياً مع حاجات السوق، وهو قول حق قصد به باطل. فقصدهم فقط تطويل فترة إعفائهم من «السعودة»، فتغيير نظام التعليم يحتاج إلى عشرات السنين ولا يمكن تغيير الموضوع في عام أو عامين. ثم اعلم يا مهندس عادل أن «لوبي» التستر مستفيدون من الوضع الحالي. وسيأتونك بمشاريع وهمية على الورق، وتصاريح أعمال لا ينفذ منها في الواقع شيء، وإنما هي واجهة للحصول على أكبر قدر من «الفيز» لبيعها للعمالة الأجنبية في مقابل عائد شهري معلوم، فاحرص حفظك الله على التأكد من تشغيل المشاريع، وقيام الأعمال التي تعطي «الفيز» لاستقدام العمالة لتشغيلها. واعلم أيضاً يا معالي الوزير، أن الصناديق التي أنشئت بغرض توظيف المواطن أصبحت شريكاً من دون أن تدري في زيادة العمالة الأجنبية في سوقنا. فصناديق المئوية وجميل وغيرهما تُقرض الشاب مبلغاً لبدء مشروعه، ليحصل الشاب على فرصة عمل، ولكنه في المقابل يستقدم 10 أو 20 عاملاً أجنبياً للعمل في مشروعه الذي أعطي قرضاً عليه بلا فوائد، والنتيجة هي توظيف مواطن، ولكن مع زيادة 10 وظائف تذهب إلى الأجانب وليس إلى السعوديين. معالي الوزير يجب ألا تغفل أيضاً المتسترين الأجانب، وهؤلاء الذين حصلوا على تصاريح الاستثمار الأجنبي، ويحصلون على أي عدد من «الفيز» يريدون بلا قيد أو شرط. ولقد تحول بعضهم إلى سماسرة «فيز»، وانتقل التستر من بعض ضعاف النفوس من المواطنين إلى أن يكون عملاً لكثير من ضعاف النفوس من المستثمرين الأجانب. وأما في ما يخص توظيف المرأة، فاعلم يا معالي الوزير أن قوى الممانعة والاحتجاج جاهزة للتحرك والصياح والشجب والاستنكار وتجييش المجتمع ضد أي سياسة تهدف إلى توظيف المرأة، وسيأتيك الناصحون والمذكرون والمنكرون، فلا تسمع لهم، واعلم أن بنات البلد أمانة في عنقك، وتذكر العانس التي لم تتوظف، والمطلقة التي لا تجد ما يسد رمق أطفالها، والأرملة التي لا تجد ما تدفع به إيجار منزلها. فالنساء بحاجة للعمل والوظيفة ربما أكثر من حاجة الرجال، وفرصهن محدودة، ومع ذلك تسعى قوى المنع والانكار لاقفالها من دون أن تقدم بديلاً مقبولاً لسد حاجة هذه الفئات. يا مهندس عادل، لعل ما يفرحنا ويبعث مزيداً من الأمل في نفوسنا انك جئت من قلب القطاع الخاص، فأنت الخبير بحيله، وألاعيبه لتأجيل توظيف السعوديين واستمرار استقدام العامل الأجنبي الرخيص، إلا أن ذلك وضع يجب ألا يستمر، فالمواطن أحق بوظيفة بلده، والسعودي أولى من كل الأجانب، مهما كان الثمن، ومهما أتاك المثبطون، ومهما احتج عندك المتاجرون بالعمالة، ومهما اعترض وهدد رجال الأعمال بنقل أعمالهم فلا تسمع لهم، فالمهمة مقدسة وانت إن شاء الله خير من يتصدى لها ويعالجها ويحلها، وتقبل خالص التحية. اقتصادي سعودي www.rubbian.com