غرقت الأحياء الشرقية في مدينة حلب في جحيم من الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل نحو 91 مدنياً بعد ساعات من إعلان الجيش النظامي السوري بدء هجوم في المنطقة. وأشارت وكالة «رويترز» إلى تدمير 40 مبنى كانت غالبية الضحايا فيها من الأطفال. والتقى وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف ثانية في نيويورك بعد فشل اجتماع وزراء خارجية «المجموعة الدولية لدعم سورية» وتسريب الاتفاق بين واشنطن وموسكو إزاء التعاون العسكري. واجتمع لافروف أمس مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل مغادرته نيويورك. وتحدث كيري بعد الاجتماع مع لافروف عن «تقدم محدود» في الملف السوري وان بلاده وروسيا يبحثان في «أفكار بناءة للحل»خيارات مختلفة للحل. وقال لافروف في خطاب أمام الجمعية العامة إن الخطوة الأولى لتطبيق الاتفاق على وقف الأعمال القتالية وحل الأزمة السورية يجب أن يكون «القضاء على الإرهاب وفصل المعارضة عن المجموعات المصنفة إرهابية بموجب قرارات مجلس الأمن، أي جبهة النصرة وتنظيم داعش». وأضاف إن مسؤولية تحقيق هذا الهدف تقع على عاتق «الولاياتالمتحدة وحلفائها» معتبراً أن الوضع الإنساني «لا يمكن معالجته ما لم تعزل المجموعات الإرهابية وتُستهدف، وهذا عنصر مهم جداً». وشدد على أن محاربة الإرهاب لا يمكن أن تتم «بمعايير مزدوجة» وعلى رفض بلاده «محاولات استخدام الإرهابيين لتحقيق مكاسب استراتيجية» مشيراً الى أن روسيا «تعمل على إعداد قرار في مجلس الأمن لمواجهة نشر العقيدة الإرهابية بين عنصر الشباب». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل «91 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال الجمعة جراء ضربات شنتها الطائرات الروسية والمروحيات السورية» على أحياء عدة. وأفادت حصيلة سابقة بمقتل 11 شخصاً. وإشار إلى أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع لوجود جرحى في حالات خطرة ومفقودين تحت الأنقاض». وقال مراسل لوكالة «فرانس برس» في مناطق المعارضة في حلب، إن «القصف عنيف جداً». وأظهرت مقاطع فيديو ل «فرانس برس» في حي طريق الباب جرافة تعمل على رفع الأنقاض من شارع ضيق على جانبيه أبنية بعضها تدمر بشكل كامل والبعض الآخر تصدعت جدرانه، قبل أن تردم حفرة ضخمة مملوءة بالمياه جراء القصف. وبات متطوعو الدفاع المدني مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك، خصوصاً بعدما استهدفت الغارات صباحاً مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والأنصاري. وتم تدمير مركز الأنصاري بالكامل جراء الغارات وباتت سيارة إسعاف وأخرى لإطفاء الحرائق ومعدات أخرى خارج الخدمة. وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاثة أبنية انهارت بكاملها على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة على حي الكلاسة. وقال مراسل «فرانس برس» إن جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الأنقاض، فيما يقف عمال الإغاثة مذهولين محاولين رفع الركام بأيديهم بحثاً عن العالقين تحته. على جبهة أخرى في حلب، أفاد المرصد بمقتل «12 مدنياً من عائلة واحدة بينهم ستة أطفال جراء غارات روسية على قرية بشقاتين في ريف حلب الغربي». كما قتل 11 شخصاً على الأقل في غارات نفذتها طائرات لم تعرف هويتها على مدينة الباب تحت سيطرة «داعش» شمال شرقي حلب. وجاء هذا التصعيد بعد إعلان الجيش النظامي مساء الخميس بدء هجوم على الأحياء الشرقية في حلب التي يحاصرها منذ شهرين تقريباً، ودعوته المواطنين إلى «الابتعاد من مقرات ومواقع العصابات الإرهابية المسلحة». وتبحث الأممالمتحدة وفق ما أعلن المتحدث باسم مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي الجمعة عن طريق بديل لإرسال مساعدات إلى الأحياء الشرقية، حيث يقيم حوالى 250 ألف مدني في وضع «مأسوي»، في وقت لا تزال 40 شاحنة مساعدات عالقة في منطقة بين تركيا وسورية. وكانت الولاياتالمتحدةوروسيا فشلتا بعد 3 أيام من المشاورات في نيويورك في الاتفاق على آلية لتطبيق «اتفاق وقف الأعمال القتالية» في سورية، وذلك بسبب عدم تمكن المشاورات من تجاوز عقدتين: واحدة تمثل مطلباً أميركياً وهو وقف حركة الطيران الحربي التابع للحكومة السورية في شمال سورية 7 أيام، والأخرى روسية تتمثل في فصل «جبهة النصرة» عن بقية مجموعات المعارضة. وأظهر نص الاتفاق الأميركي - الروسي، الذي جرى تسليمه إلى دول غربية وأطراف سورية وحصلت «الحياة» على نسخة منه، أنه تضمن شرطين بمرور «ما لا يقل عن سبعة أيام مستمرة من الالتزام بالهدنة» في سورية، إضافة إلى «إيقاف جميع الأنشطة الجوية العسكرية السورية ثابتة الجناح والمروحيات، في المناطق المعينة المتفق عليها»، قبل تشكيل «مركز التنفيذ المشترك» بين الجيشين الأميركي والروسي لقتال «جبهة النصرة». واتهم وزير خارجية فرنسا جان مارك إرولت دمشق التي تحاول استعادة حلب، ب «لعب ورقة تقسيم سورية» من خلال استعادة السيطرة على كل المناطق «المفيدة» في البلاد. وقال الوزير في مؤتمر صحافي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: «من خلال قصف حلب يلعب النظام ورقة تقسيم سورية، وداعموه يدعونه يفعل ذلك». وأضاف أن «النظام وحلفاءه يرفضون التخلي عن هروبهم العسكري إلى الأمام».