الخيار العسكري الذي تلوح به الولاياتالمتحدة وإسرائيل هو من قبيل شن حرب نفسية على الجمهورية الإسلامية. فالمسؤولون الأميركيون قالوا إن الخيار العسكري علي الطاولة. ودعا الصهاينة الى ضرب محطة بوشهر النووية قبل فوات الأوان في محاولة للتأثير في المسؤولين الإيرانيين والشعب الإيراني، وحملهم على التراجع عن حقهم القانوني في الطاقة النووية. ورأى قائد الثورة أن المسؤولين الاميركيين لا يستطيعون ارتكاب حماقة جديدة. فهم يدركون أن الرد الإيراني لا يستهان به، ولا يقتصر على منطقتنا فحسب، بل يمتد الى مناطق أخرى. وجلي أن عاملين بارزين يثبطان جرأة المسؤولين الاميركيين علي مهاجمة ايران. وأولهما هو رأي قائد الثورة، والثاني الهزيمة النكراء التي لحقت بالقوات الأميركية في أفغانستان والعراق. فأميركا لم تحصد من احتلال العراق وأفغانستان سوي الهزيمة والإحباط والاحتجاج الداخلي، وتدمير بني العراق وأفغانستان التحتية، ووقوع آلاف القتلي من الجيش الأميركي وملايين الجرحي والمعوقين في صفوف الشعبين الأفغاني والعراقي. ولم يجنِ الشعبان من وعود المسؤولين الأميركيين المعسولة بالحرية والأمن ونعيم الديموقراطية وزوال الفقر والقضاء على الإرهاب، إلا تعاظم الفوضي والاضطراب الأمني وانتشار زراعة المخدرات وتنامي الفقر والتخلف. ولم يخفِ الجنود الأميركيون الذين غادروا العراق، الأسبوع الماضي، سعادتهم باستعادة حرية فقدوها طوال وجودهم في العراق، واسترجاع الأمل في البقاء على قيد الحياة. فالشعب العراقي يكره المحتلين. ويلمس المسؤولون في الإدارة الأميركية الكراهية هذه عند زيارة العراق زيارات أمنية وسرية. ويلتزم الأميركيون في افغانستان السرية في تحركاتهم. فعدد جثث قتلى القوات الاميركية والفرنسية والبريطانية، وبقية القوات المحتلة، تتزايد على وقع سخط شعبي أفغاني يناوئ مرابطة الجيش الأميركي والمسؤولين الأميركيين في بلادهم. فالعراق وأفغانستان تحولا الى مستنقع تغرق الولاياتالمتحدة في وحوله. واليوم، بلغت مشكلة الولاياتالمتحدة في العراق وافغانستان حد التأثير في الداخل الأميركي. وهذا دليل على فشل الإدارة الاميركية في حل مشكلاتها الخارجية والداخلية. ويدرك الأميركيون أن إيران تختلف عن أفغانستان والعراق. فأراضيها واسعة ومترامية، وإمكاناتها متنوعة، ومواطنوها ملتفون حول نظام الجمهورية الإسلامية، ومكانة النظام الإسلامي في المنطقة والعالم متصدرة. ولا يزال المسؤولون الاميركيون يشعرون بعقدة نقص وحقارة جراء انتصار الثورة الإسلامية، وطرد المستشارين العسكريين الأميركيين، واحتلال وكر السفارة الأميركية في طهران. ولا يرغب الأميركيون في تكرار تلك المأساة. وهم يدركون أن الخيار العسكري سيوحد الشعب الإيراني في شكل أكبر، ويواجهون هزيمة جديدة. ولن تقف شعوب المنطقة والدول الإسلامية الذين تربطهم علاقات حميمة بنظام الجمهورية الإسلامية مكتوفي الأيدي عند الاعتداء على ايران. * افتتاحية، عن «جمهوري إسلامي» الإيرانية، 21/8/2010، إعداد محمد صالح صدقيان