كتاب إلهام سعيد فريحة «أيام على غيابه»، الصادر في بيروت عن دار الصياد من الكتب المناسبة لمتعة السفر. ومن المميزات ارتباطه بأدب الصحافي الراحل سعيد فريحة وأسلوبه وظُرفه، كأنه يحاكي عالم «الجعبة» وينقل أنماطاً وحوارات مرصودة لهذه الغاية. واختصرت الكاتبة معاناتها الطويلة، معترفة بأن المحافظة على التجربة الصحافية الفذة التي أنشأها والدها أخذت منها جهداً كبيراً طوال سنوات الحرب اللبنانية، مع الإصرار على التحدي بأن تستمر المطبوعات التسع في الصدور عن «دار الصياد» كأن شيئاً لم يكن. وهي بهذا التلميح تريد أن تسترجع مراحل الصعوبات الإدارية التي عملت على تخطيها في سبيل المحافظة على حرية مطبوعات «دار الصياد» وصيانتها من التعطيل أو المصادرة أو الخضوع لمقص الرقيب. جرى كل هذا خلال خمس عشرة سنة من حرب ضروس أكلت الأخضر واليابس. لكن هذه المعوقات لم تمنع إلهام فريحة من مواصلة مهمتها كإعلامية تريد المحافظة على الإيقاع السياسي الذي كانت تمارسه مع شقيقيها عصام وبسام. أي الإيقاع الوطني العروبي الذي رسمه عميد الدار المغفور له سعيد فريحة. ويُستدل من طبيعة الأسماء التي اختارها المؤسس لأولاده الثلاثة، أنه كان يطمح الى ترجمتها في شكل عملي. فالعصامية التي تقمصها رآها حية في نجله الأكبر عصام. والابتسامة الرضية التي كان يستعملها سلاحاً لاختراق قلوب الناس، أعارها لبسام كي يستعملها في معارك العلاقات العامة. أما بالنسبة لإلهام، فقد اعتبرتها ست الدار المرحومة حسيبة، حبة المهدئ التي كان يتناولها سعيد فريحة، كلما صودرت «الصياد» أو أغضبه حساده، أو تأخر فجر «الجعبة» عن الانبلاج. كما اعتبرتها مصدر «الإلهام» لزوجها خلال فجر أوقات الشح وعدم التجلي. وفي تفسير ذكره أحد محرري «الأنوار» أن العمل في «دار الصياد» بحد ذاته مدرسة بل جامعة، حيث يمارس المحررون والمعلقون والمراسلون، مهنة البحث عن المتاعب لسنوات طويلة قبل المباشرة بسكب أفكارهم على الورق. وهذا ما فعلته إلهام فريحة من خلال عملها كمدير عام ورئيسة تحرير مجلتي «الشبكة» و «فيروز». بانتظار الكتاب الثاني، لأن المحاولة الأولى كانت متنية ومصقولة وغنية بأحوال الإنسان اللبناني، والمواطن العربي. وبما أنها كانت بالنسبة لوالدها سعيد فريحة مثل ظله، فإن القراء ينتظرون منها كتاباً يكون عنوانه: «أيام مع حضوره».