على رغم استمرار الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي حول اتفاق التجارة الحرة، كشف خلالها مسؤولون خليجيون عن يأسهم من التوصل إلى اتفاق قريب في ظل رفض الطرف الخليجي بعض البنود الأوروبية، التي من ضمنها اشتراط الاتحاد الأوروبي منحه الحق في إلغاء الاتفاق في حال ملاحظته وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، إلا أن سفير السويد لدى السعودية جان ثيسلف بدا متفائلاً بإمكان توصل الطرفين إلى اتفاق يرضي الطرفين، خصوصاً أن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية وبقية دول مجلس التعاون ليست محل اعتراض بالنسبة إلى دول الاتحاد الأوروبي. وقال السفير السويدي في حديث إلى «الحياة»: «من الطبيعي أن يستغرق توقيع اتفاق التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون وقتاً طويلاً، إذ يعني الأمر اتفاقاً بين 27 دولة أوروبية وست دول خليجية، وفي ما يتعلق بحقوق الإنسان فأستطيع القول إن حقوق الإنسان في السعودية وبقية دول المجلس لن تعوق توقيع الاتفاق، والإعلان عن معاودة المفاوضات أخيراً في مسقط أمر إيجابي وخطوة أعتبرها شخصياً مؤشراً على إمكان التوصل إلى تسوية بين الطرفين». ورفض السفير السويدي اعتبار الاتحاد الأوروبي المستفيد الأكبر من تحرير التجارة بين الاتحاد ومجلس التعاون، وقال: «يردد البعض أن الاتحاد الأوروبي المستفيد الأول من الاتفاق، ويؤكد آخرون أن دول مجلس التعاون هي المستفيد الأكبر، والحقيقة أن الطرفين مستفيدان بقدر متساوٍ، ونحن حريصون في الاتحاد الأوروبي أن يكون الاتفاق منصفاً للطرفين بشكل عادل». وعن مدى تضرر بلاده جراء الأزمة المالية العالمية وانعكاس ذلك على الاستثمارات السعودية في السويد قال: «لا شك أن للأزمة العالمية انعكاسات سلبية على جميع الدول، بما في ذلك السعودية والسويد، وقد تكون السعودية من أقل الدول تضرراً جراء الأزمة، إلا أنني أؤكد أيضاً أن السويد لم تتضرر بشكل كبير، وأن اقتصادها لا يزال متماسكاً، وفي ما يتعلق بالاستثمارات السعودية في السويد فهي لم تتأثر إطلاقاً، بل على العكس، فإن تأشيرات زيارة السويد التي نمنحها لرجال الأعمال شهدت زيادة واضحة، كما هو الأمر أيضاً بالنسبة إلى تأشيرات السياحة». واعتبر ثيسلف أن الأزمة المالية والركود الاقتصادي الحالي فرصة استثمارية مهمة يجب على رجال الأعمال اقتناصها، وقال رداً على ما إذا كان استثمار رجال الأعمال في السويد في الفترة الحالية لا يزال استثماراً آمناً: «ليس آمناً فقط، بل أعتقد أنه الوقت الأنسب للاستثمار، ويمكن لمس ذلك من خلال الوفود الأوروبية الكثيرة التي زارت المملكة أخيراً لتوسيع استثماراتها في السعودية، أو لبحث إنشاء استثمارات جديدة بالنسبة إلى الشركات الأخرى، وينطبق الأمر على الوفد التجاري السويدي الذي يزور المملكة حالياً لبحث عقد شراكات مع نظرائهم السعوديين في مجال التكنولوجيا والعناية الصحية، إذ لم يقتصر الأمر على الشركات التي ترغب في دخول السوق السعودية، بل ضم الوفد أيضاً شركات عاملة في المملكة، ووجهوا دعوات لجهات عدة لزيارة السويد وبحث إمكان استفادة السعوديين أيضاً من السوق السويدية»، وقال: «السعودية شريكنا التجاري الأول في المنطقة على رغم أننا لا نستورد النفط منها». من جهته، أكد الملحق التجاري السويدي ماركوس فينستام أن التبادل التجاري بين المملكة وبلاده يشهد نمواً مستمراً، وقال خلال حفلة استقبال الوفد التجاري السويدي في مقر إقامة سفير بلاده أول من أمس: «بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والسويد خلال العام 2007، أكثر من 5 بلايين ريال، وشهد هذا الرقم خلال العام الماضي ارتفاعاً بنسبة 32 في المئة، وهو أمر يدل على الاتجاه الإيجابي للعلاقات التجارية بين البلدين»، مشيراً إلى أن 40 في المئة من الشركات السويدية في المملكة تعمل بشكل مستقل، بينما تعمل 60 في المئة منها من وكلاء أو شركاء. ولفت فينستام إلى توفير مستشارين اقتصاديين في السعودية، ووضعهم تحت تصرف الشركات الراغبة في الاستثمار في السويد أو عقد شراكة مع شركات سويدية، إضافة إلى توفير النصح للشركات السويدية الراغبة في دخول السوق السعودية.