لم تنفع سلسلة اتصالات أجراها كبار السياسيين العراقيين ومنها اتصال رئيس الحكومة حيدر العبادي مع رئيس البرلمان سليم الجبوري لوقف عملية سحب الثقة من وزير المال هوشيار زيباري، ما يعكس قوة كتلة سياسية كبيرة تتشكل في البرلمان وتعيد رسم خريطة تركيبة الحكومة الحالية. وصوت البرلمان العراقي بغالبية 158 صوتاً على إقالة زيباري مقابل 77 صوتاً رفضوا الإقالة و14 امتنعوا عن التصويت. وتأتي الإقالة بعد استجواب قدمه النائب هيثم الجبوري، أحد المقربين من رئيس الحكومة السابق ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وهي الكتلة التي تنتمي إليها النائب عالية نصيف التي قادت عملية استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي وإقالته قبل أسابيع، كما أنها الكتلة التي تعد العصب الأساس لما بات يعرف باسم «كتلة الإصلاح» التي تشكلت في البرلمان العراقي ورفعت شعار تغيير الرئاسات الثلاث. وتشير المعلومات إلى أن زيباري اجتمع ليلة أول من أمس مع رئيس الكتلة نوري المالكي وقبلها أجريت سلسلة اتصالات لتسوية قضية الإقالة انتهت إلى تقديم رئيس الوزراء حيدر العبادي من واشنطن طلباً رسمياً للإبقاء على زيباري تحت بند وجود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم تنجح جميعها في إيقاف التصويت. وسرت إشاعات في بغداد أن الاستجواب المقبل سيوجه إلى وزير الخارجية إبراهيم الجعفري ومن بعده إلى العبادي. واحتج نواب الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي ينتمي إليه زيباري ويتزعمه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، على الإقالة واعتبروها استهدافاً سياسياً، وآليات التصويت على الإقالة غير دستورية. لكن الصورة العامة تشير إلى أن حزب بارزاني لم يكن معولاً كثيراً على إنقاذ زيباري على رغم الجهود التي بذلها، حيث تبدو الكتلة التي يُشك في أنها مدعومة من المالكي، متماسكة ويؤكد أعضاؤها أنهم في معرض تنفيذ سلسلة من الاستجوابات الجديدة أبرزها للوزير إبراهيم الجعفري، فيما تجمع النائب حنان الفتلاوي الوثائق كما تقول لاستجواب رئيس الحكومة حيدر العبادي. إقالة زيباري وهو أبرز صقور العملية السياسية في العراق وشغل سلسلة من المناصب الكبيرة منذ عام 2003 أبرزها وزير خارجية لعشر سنوات، يكشف وفق المطلعين، عن مسارين للعملية السياسية في العراق، الأول يتعلق بضعف العلاقة بين بغداد وأربيل، بالتزامن مع تفكك العلاقات الكردية الداخلية، والثاني يخص استعادة المالكي سطوته السياسية ومحاولة إنتاج غالبية سياسية. يُذكر أن زيباري كردي شغل منصب وزير الخارجية لأكثر من عشر سنوات، وفي الآونة الأخيرة قاد مفاوضات رفيعة المستوى مع صندوق النقد الدولي من أجل اتفاق للحصول على قرض ومع المصارف الأجنبية لإصدار سندات دولية، بعدما تأثر الاقتصاد العراقي الذي يعتمد اعتماداً كاملاً تقريباً على إيرادات النفط بسبب انهيار أسعار الخام والتكاليف المرتبطة بالحرب على «داعش» الذي استولى على ثلث أراضي البلاد عام 2014. ووافق صندوق النقد الدولي في تموز (يوليو) على قرض تحت الطلب مدته ثلاث سنوات بقيمة 5.34 بليون دولار للعراق في مقابل خطة للإصلاح الاقتصادي. ومن المتوقع أن يفتح الاتفاق الطريق أمام مساعدات مالية بقيمة 18 بليون دولار على مدى ثلاث سنوات.