بات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مهدداً بفقدان وزير آخر في حكومته، بعد وزير الدفاع خالد العبيدي، بعدما صوّت البرلمان أمس على عدم قناعته بأجوبة وزير المال هوشيار زيباري، ضمن حملة استجوابات نيابية تجري منذ أسابيع. وصوَّت البرلمان أمس بالغالبية، فيما يتيح الدستور للنواب سحب الثقة من الوزير بعد استجوابه، كما حصل مع وزير الدفاع خالد العبيدي الأسبوع الماضي. واستجوب البرلمان زيباري، القيادي في الحزب «الديموقراطي الكردستاني» بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بازراني، إثر اتهامه بملفات فساد. وقدم النائب هيثم الجبوري، الذي استجوب الوزير، طلباً لإدراج موضوع قناعة المجلس بأجوبة الوزير من عدمها. وهيثم الجبوري رئيس تجمع «الكفاءات والجماهير»، ضمن ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وأثار هذا الطلب غضب النواب الأكراد من الحزب الديموقراطي ما دعا رئيس كتلة هذا الحزب، خسرو كوران، إلى اتهام الجبوري بتحويل أموال إلى مصارف خليجية. وإثر المشادة قرر رئيس البرلمان سليم الجبوري رفع الجلسة مدة نصف ساعة، وبعد استئنافها عاد النقاش في شأن زيباري فاندلعت مشادة أخرى بين النائب عواطف نعمة عن ائتلاف «دولة القانون» والنائب أشواق الجاف عن كتلة برزاني، تحوّلت إلى عراك بالأيدي. كما شهدت الجلسة مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي بين النائب هيثم الجبوري ونواب عن كتلة «التحالف الكردستاني» التي ينتمي إليها زيباري. وبعد فض المشاجرة صوّت البرلمان بعدم قناعته بأجوبة زيباري، ما يعني أن الجلسة المقبلة ستتضمن تصويتاً على سحب الثقة من الوزير. وأبرز الملفات التي استُجوب في شأنها زيباري هي صرف بليوني دينار (نحو مليون و800 ألف دولار) بطاقات سفر لعناصر حمايته الذين يسكنون في أربيل، وأيضاً صرف 900 مليون دينار لترميم منزله في المنطقة الخضراء المحصّنة، وصرف مبلغ ضخم لتأجير منزل لسكرتيرته الشخصية، فضلاً عن قروض كبيرة خارج السياقات القانونية لعدد من التجار. من جانبه وجّه زيباري هجوماً إلى هيثم الجبوري قائلاً إنه استند على «بيانات مضللة للرأي العام» في طلب استجوابه، واتهمه ب «السعي للإساءة لسمعة وزارة المال»، معتبراً أسئلة الاستجواب «استهدافاً شخصياً». وكان البرلمان قرر سحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي أخيراً في جلسة استجواب مثيرة للجدل بعد اتهامه أيضاً بالفساد. واعتبر النائب عن «دولة القانون» علي الفياض أن استجواب زيباري جاء ب «دوافع سياسية»، وقال ل «الحياة» إن «وزير المال نجح في إدارة الوزارة خلال فترة مالية عصيبة تمر بالبلاد، ونجح في مفاوضات قروض البنك الدولي، وأسهم كثيراً في الحصول على القروض لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين». إلى ذلك، أفادت مصادر حكومية «الحياة» بأن العبادي أنجز ملفات 20 مرشحاً للهيئات المستقلة، لكنه سيتأخر في عرضها على البرلمان بسبب إقالة وزير الدفاع، إذ سيكون مضطراً للبحث عن بديل عنه، على رغم عدم صدور أي موقف رسمي من العبادي في شأن سحب الثقة من العبيدي. وأشارت المصادر إلى أن العبادي كان ينوي تقديم مرشحي الوزارات الشاغرة (الداخلية، الصناعة، التجارة) والهيئات بعد حسم ملف استجواب وزير الدفاع، وقانون العفو العام، لكن قضية العبيدي دفعته إلى تأجيل ذلك. وأوضحت المصادر أن لدى رئيس الوزراء قائمة جديدة بمرشحي الوزارات الشاغرة والهيئات المستقلة، مشيرةً إلى أن «من بين المرشحين لتولي الوزارات مرشح كتلة بدر لوزارة الداخلية، قاسم الأعرجي، بسبب تمسك كتلته به، فضلاً عن ضغوط إقليمية». وقالت المصادر إن هناك ثلاثة مرشحين تقدمت بهم الكتل على وجه السرعة لشغل منصب وزير الدفاع قبل انطلاق معركة استعادة الموصل، وهم صلاح الجبوري من محافظة ديالى المقرب من زعيم ائتلاف «العراقية» صالح المطلك، وأحمد الجبوري من محافظة الموصل المقرب من السياسي فاضل الدباس، وجاسم العطية وكيل وزارة الهجرة وهو مستقل مقرب من العبادي. وقال النائب رسول حسن، عن حزب «الدعوة الإسلامية»، إن «رئيس البرلمان سيحتاج إلى فترة قد تزيد على الأسبوع لدراسة السير الذاتية للمرشحين قبل التصويت عليهم». ويرى عضو ائتلاف «المواطن» سالم المسلماوي أن «الوقت بات مناسباً الآن للتخلص من ملف الهيئات المستقلة»، وقال ل «الحياة» إن «العبادي حاور الكتل السياسية قبل أن يحسم أمر المرشحين»، لكنه أكد صعوبة تمرير الأسماء إذا لم يكن هناك حوار مع القوى السياسية المختلفة. إلى ذلك، أوضح رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لارجاني أن إيران تعارض مئة في المئة تقسيم العراق، وهو موقف منسجم مع موقف المرجعية الدينية في مدينة النجف العراقية. وقال لاريجاني، الذي التقى أمس رئيس حركة «النجباء» العراقية الشيخ أكرم الكعبي: «إننا ندعمكم بما نملك من إمكانات لأنكم أبناء الإمام الخميني الجيدين، والإسلام المحمدي الأصيل». وقدم الكعبي الشكر للشعب الإيراني ومرشد الجمهورية علي خامنئي «اللذين وقفا معنا في العراق وسورية». وتشكّل حركة النجباء العراقية إحدى المجموعات المنضوية في الحشد الشعبي العراقي، فيما يقاتل ما يقارب 1300 عنصر من هذه الحركة في ريف حلب في الأراضي السورية. وقال الكعبي إن حرب تحرير الموصل حرباً مصيرية «لأنها ضد أميركا وحزب البارزاني الذي يهدف إلى تأسيس دولة في كردستان العراق». وقال إن حركة النجباء تقف إلى جانب عناصر حزب الله اللبناني في منطقة الزينبية في ضواحي دمشق، إضافة إلى أنها قاتلت في ريف حلب لفتح طريق لحي خناصر في مدينة حلب.