أكد مختصون في مجال الترفيه، أن المدن الترفيهية في المملكة تواجه تحديات عدة، من بينها توفر الأراضي وحجم الاستثمار الكبير، مشيرين إلى أن إنشاء الهيئة العامة للترفيه سيسهم في شكل كبيرة في تحقيق عوائد مالية تراوح بين 4 و10 بلايين ريال سنوياً. وأوضح نائب رئيس لجنة السياحة في غرفة الشرقية الدكتور مقبل المقبل في تصريح ل«الحياة»، أن المدن الترفيهية لا تزال تواجه تحديات اجتماعية وتنظيمية، مشيراً إلى أن إنشاء مدينة ترفيهية «نموذجية» متكاملة يتطلب أرضاً مساحتها مليون متر مربع، وكلفتها تصل إلى بليون ريال، معتبراً أن هذه الكلفة «باهظة» ولا يستطيع أي مستثمر تحملها لوحده، إضافة إلى مشكلة توفر المساحة والموقع المناسب لإقامة المدينة الترفيهية، التي تتطلب مواصفات واشتراطات فنية عالية، إضافة إلى مصاريف التشغيل والصيانة، التي تمثل تكاليف إضافية على المستثمر. وذكر أن المدن الترفيهية في العادة تكون خارجية، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة الأجواء في المملكة وخصوصية بعض المناطق في المملكة، بيد أن إنشاء مدينة ترفيهية داخلية، يحتاج إلى مواصفات فنية معينة، وهو ما يتطلب تكاليف مالية إضافية. وكشف أن هذه التحديات تنتهي في حال بدء الهيئة العامة للترفيه أعمالها، إذ من المتوقع أن تكون هي الجهة التي تمنح التراخيص اللازمة لإقامة المدن الترفيهية بخلاف السابق التي كانت تمنح عن طريق الهيئة العامة للسياحة والاثار، إضافة إلى أن وجود الهيئة العامة للترفيه قد يسهم في شكل كبير إنعاش الاقتصاد السياحي. وأكد المستثمر خالد بن ناصر أن صناعة الترفيه لا تقتصر على الملاهي والألعاب، بل تتضمن أيضاً سياحة المهرجانات، ورياضة السيارات وسباقات الخيل والهجن، وغيرها من الفعاليات التي تنعش الاقتصاد الكلي للمملكة وتوفر فرص عمل واعدة للشباب السعودي، لافتاً إلى أن المملكة تتمتع بمقومات سياحية فريدة، تمكنها من تنمية سياحة الترفيه، إذ تمتلك 3 آلاف كيلومتر من الشواطئ على الخليج العربي والبحر الأحمر، كما أن المملكة تنعم باستقرار سياسي واقتصادي وأمني يجعلها بيئة مواتية لضخ المزيد من الاستثمارات لإنعاش السياحة الداخلية وعلى رأسها الترفيه والمطاعم، ما يوفر الكثير من الأموال التي تخرج إلى دول مجاورة بحثاً عن الترفيه، موضحاً أن السياحة الداخلية بحاجة ملحة إلى مدن ترفيهية بمواصفات عالمية مثل تلك الموجودة في بعض الدول الخليجية المجاورة، بيد أن هذه المدن تحتاج إلى موازنة «ضخمة» وأراض شاسعة، وهو ما يتطلب تعاون البلديات والأمانات في توفير هذه الأراضي. وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة إنشاء عدد من المدن الترفيهية في عدد من مناطق المملكة، مبيناً أن العوائد الاستثمارية للمدن الترفيهية تصل إلى 7 بلايين ريال سنوياً في حال توفرت لها جميع الظروف المناسبة. وكشف عن وجود تحد كبير يواجه الاستثمار في المدن الترفيهية وهو مدة عقود إيجار الأراضي الاستثمارية، التي تبلغ مدتها من 20 إلى 25 سنة، إلا أن هناك قراراً صادراً عن مجلس الوزراء بتمديد مدد إيجار الأراضي الاستثمارية إلى 40 سنة، وهو ما لم يتم تفعليه حتى الآن، ما دفع الكثير من المستثمرين الى التخوف، وخصوصاً أن الاستثمار في هذا المجال يحتاج إلى موازنة «ضخمة» وتحقيق أرباح سنوية يحتاج إلى وقت طويل، وهو ما قد يتعارض مع مدة عقد الاستثمار في حال كانت 25 سنة. وأوضح المستثمر في مجال الترفيه خالد الدوسري أن البيئة السعودية تفرض أنماطاً معينة من الترفيه تختلف عن نظيراتها من الدول الأخرى، نظراً لقسوة عوامل الطقس والحرارة، والتضاريس الجغرافية، ولذلك تنمو صناعة الترفيه في المجمعات التجارية والمدن الترفيهية المغلقة، والمطاعم، والمهرجانات السياحية والثقافية، التي تستوعب الكثير من العائلات الباحثة عن المتعة. بيد أنه توقع أن تنمو هذه الصناعة خلال السنوات المقبلة بشكل كبير، وخصوصاً في ظل وجود قناعة لدى المستثمرين بأن قطاع الترفيه أصبح القطاع الأكثر ربحية والأسرع نمواً، الذي يشهد إقبالاً واسعاً من كل الفئات العمرية. ولفت إلى ضرورة أن تتكاتف جهود القطاع الخاص مع الجهود الحكومية، بهدف ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الترفيه السياحي، والعمل لبناء رؤية مستقبلية تضمن التنوع والثراء الفكري والثقافي، لافتاً إلى أن قطاع الترفيه في المملكة لا يقتصر على الألعاب الكهربائية فقط، التي تمثل 45 في المئة، ولكن هناك الترفيه التعليمي والمهرجانات والفعاليات، مبيناً أن 15 في المئة من معوقات صناعة الترفيه في المملكة هي تحديات تنظيمية، مشدداً على أن وجود الهيئة العامة للترفيه سيسهم في توحيد الجهود لقطاع الترفيه وهو الأقرب للهيئة العامة للسياحة والآثار، مشيراً إلى أن هذا القطاع يواجه تحدياً آخر بنسبة 60 في المئة، وهي تحديات اجتماعية تخص سلوك السعوديين بالترفيه الموسمي فقط، لافتاً إلى أن الأسر السعودية تنفق سنويا أكثر من 10 بلايين ريال في السياحة والترفيه في الخارج، لذا فإن فكرة الاستثمار في الترفيه هي فكرة مميزة، وهو ما يدفعنا إلى التفكير في الترفيه العائلي الذي يعد من أكثر الاستثمارات ربحية، على اعتباره أكثر حاجات الأسر السعودية. وكشف أنه سيتم خلال الربع الأول من 2017 افتتاح أحد أكبر المدن الترفيهية في المملكة، التي تملكه إحدى الشركات الكبرى المتخصصة في الترفيه، مشيراً إلى أن كلفة المدينة الترفيهية المزمع افتتاحها يربو على النصف بليون ريال، التي ستكون انطلاقة لإنشاء عدد من المدن الترفيهية في عدد من مناطق المملكة. وشدد على أن الاستثمار في المدن الترفيهية النموذجية يحتاج إلى موازنات «ضخمة» وأراض شاسعة، وهو ما يتطلب تعاوناً مثمراً بين القطاعين الحكومي والخاص في تهيئة البنى التحتية لإنشاء مدن ترفيهية مميزة بمواصفات عالية.