أطلقت السعودية حملة شعبية واسعة في عدد من مدنها، أول من أمس (الاثنين)، لمؤازرة الشعب الباكستاني في مواجهته كارثة الفيضانات التي اجتاحت البلاد، وأدت إلى مقتل المئات، إضافة إلى تشريد حوالى 20 مليوناً آخرين، إذ بلغ اجمالي التبرعات النقدية التي تم جمعها في اليوم الأول من الحملة، أكثر من 77 مليون ريال. وهرع الآلاف من أبناء السعودية، إلى مواقع الحملة الشعبية لجمع التبرعات لمصلحة ضحايا الفيضانات، إذ كان من بين كبار المتبرعين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي تبرع ب20 مليون ريال، وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي تبرع بعشرة ملايين ريال، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن عبدالعزيز، تبرع بخمسة ملايين ريال، ونائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز تبرع بمليوني ريال. فيما أطلقت القنوات التلفزيونية السعودية الأربع حملة تلفزيونية استمرت سبع ساعات على الهواء مباشرة لجمع التبرعات. ولم تكن التبرعات محصورة في سلع معينة، بل شملت جميع ما يسهم في مساعدة المنكوبين، الذين تداعى لإغاثتهم جميع الفئات العمرية ومختلف شرائح المجتمع، فقد تجلت مشاهد إنسانية فريدة في المقار المخصصة للتبرعات، إذ شوهد المواطنون والمقيمون يتدفقون على المواقع المخصصة للتبرعات، للتبرع والمساهمة في نجدة الشعب الباكستاني بالأموال والمجوهرات والمقتنيات الثمينة في صناديق زجاجية جهزت لاستقبال التبرعات، في لفتة إنسانية لمنكوبي الفيضانات. وكانت المملكة قامت بتسيير جسر جوي اغاثي منذ بداية كارثة الفيضانات في باكستان، ووصل عدد الطائرات المحملة بالمساعدات المختلفة إلى 17 طائرة حتى الآن. وعلى رغم تعكر أجواء العاصمة بالغبار أول من أمس، إلا أن العديد من المتبرعين قدموا للتبرع بما تجود بها أنفسهم. المتبرع أحمد الأحمد، تبرع بنصف راتبه الشهري، مؤكداً أن ما دفعه للتبرع، على رغم حاجته للراتب كاملاً، هو ما شاهده من حال مأسوية لمنكوبي الفيضانات في وسائل الإعلام. ولم يقتصر التبرع على الأموال، بل إن العديد من المتبرعين جاؤوا لمقر التبرعات وهم يحملون بعضاً من أثاث منزلهم، أو عبوات التمور، أو البطانيات والشراشف، كما حضر إلى مقر التبرعات بعض المسنين والمسنات الذين هبوا للتبرع بلهفة ورغبة في عمل الخير، فيما فضل البعض التبرع دون ذكر اسمه، حيث تبرع «محب الخير» 300 ألف ريال. وشهدت ساحة التبرع حضور عدد من المعوقين على عرباتهم، حيث فضل أحدهم أن يقتص جزءاً من التبرعات الحكومية المقدمة له لضحايا الفيضانات، فيما لا يزال المتبرعون يجودون بالتبرعات النقدية والعينية للتخفيف من معاناتهم جراء ما يتعرضون له من سيول وفيضانات. وشهدت الصرافات الآلية لفروع البنك الأهلي التجاري ازدحاماً ملحوظاً من المواطنين الذين أسرعوا للتبرع من خلاله لحملة خادم الحرمين لإغاثة منكوبي باكستان. واللافت في حملة التبرعات، إقبال العديد من الأطفال على الصناديق المخصصة لجمع التبرعات المادية لإيداع المبالغ الصغيرة، حيث إن كثيراً من المتبرعين يصطحبون أبناءهم الصغار أثناء التبرع، إذ يشير عدد من الآباء إلى أن سبب اهتمامهم باصطحاب الأطفال لمقار التبرعات، «تعويدهم على البذل والعطاء منذ صغرهم»، فيما ذكر الطفل ياسر العبدالكريم، أنه قرر جمع مبالغ مادية من أقاربه وأصدقائه منذ بضعة أيام حتى استطاع أن يجمع 500 ريال للتبرع بها لأطفال باكستان.