لم تغب الأجهزة الأمنية عن القيام بمهامها في مواجهة التطرف والإرهاب منذ اليوم الأول لنشوء تلك التنظيمات، إلا أن اللافت للنظر النجاحات التي حققتها تلك الأجهزة خلال الشهرين الماضيين بإحباط خمس عمليات إرهابية استهدفت مواقع حيوية، كان من أبرزها المسجد النبوي أواخر شهر رمضان الماضي، ما يثبت تطور القدرات الأمنية السعودية، وتطور جاهزية رجال الأمن مهما حاولت تلك التنظيمات المتطرفة تغيير أدواتها، سواءً الزمان أم المكان أم جنسيات المنفذين لتلك العمليات، فيما أكد خبير أمني الجاهزية الأمنية التامة لموسم الحج، مشيراً إلى دور الحجاج المرافق لدور رجل الأمن في حفظ الأمن واستتبابه. جاء ذلك في الوقت الذي شهدت فيه العاصمة المقدسة استعدادات أمنية كبرى على مستوى القوى البشرية والآليات العسكرية لضمان تسهيل مهمة الحجاج لقضاء شعائرهم وعدم تعكير صفوها. وأكد خبير الأدلة الرقمية الباحث المختص في الشؤون الأمنية الدكتور عبدالرزاق المرجان، أن الأنظمة الأمنية السعودية أثبتت للعالم جاهزيتها لحج هذا العام على أرض الواقع بإحباطها خمس عمليات إرهابية لتفجير كلٍّ من الحرم النبوي بالمدينة المنورة، والقنصلية الأميركية بجدة، وأحد المساجد المجاورة لسوق مياس في محافظة القطيف، وتفجير مطعم ومقهى بتاروت، ومسجد المصطفى ببلدة أم الحمام بمحافظة القطيف في أقل من 60 يوماً، كانت كفيلة بإلحاق ضرر كبير في الأرواح والممتلكات، لافتاً إلى أنها لم تكتفِ بحفظ الأرواح والممتلكات، بل والعرض باستعادتها امرأتين سعوديتين وأبنائهما السبعة وشقيقتهن قبل مغادرتهن للبنان والالتحاق بمناطق الصراع في سورية. وقال في تصريح ل«الحياة»: «المتتبع للأحداث يجد أن هناك تغيراً في جنسية المنفذين للعمليات الإرهابية بمشاركة باكستانيين وسوريين، ووقت تنفيذ العمليات وقت المغرب بدلاً من المعتاد ظهر يوم الجمعة، وتغيير في الأماكن المستهدفة بالتوجه إلى الأماكن العامة كالمقاهي بدلاً من الأماكن الحيوية وأماكن العبادة واستهداف الحرم النبوي». وأوضح المرجان أن هناك تطور ملاحظاً في أداء الأنظمة الأمنية للتعامل مع هذه المتغيرات، بخاصة بعد تفجير مسجد الطوارئ بعسير الذي وقع في تاريخ 8-8-2015 واستهدف 15 رجل أمن، وتم تنفيذ العملية من طريق الهالك يوسف السليمان (سعودي الجنسية) الذي يبلغ من العمر 21 سنة. إذ كان المتورطون بالتفجير أعضاء من القاعدة وهم المدبرون للتفجير، والمنفذ داعشياً ولد من رحم حملة فكوا العاني، والمشاركون أيضاً داعشيين، ودخل إلى مبنى قوات الطوارئ من طريق تواطؤ أحد الخونة. وأضاف هناك دلالات واضحة على ارتفاع الحس الأمني وسرعة في اتخاذ القرار لدى رجل الأمن والثقة، ففي تفجير عسير ذكر أحد شهود العيان وهو رجل أمن متدرب أنه شاهد صفات وسلوك الهالك وميزها، ولكن القدر سبقه. إذ لاحظ أن الهالك شخص غريب ويلبس بنطالاً عسكرياً مموجاً وكوتاً قديماً، وأخذ المصحف ولم يقرأه وأرجعه، وكان يتمتم، ونظراته غريبة وتصرفاته مريبة، وكان يحاول الوقوف خلف الإمام، استشعر التصرفات الغريبة ولكن لم يتخذ القرار المناسب لقلة الخبرة، إذ إنه ما زال متدرباً، وفي الوقت ذاته لم يستوعب أن يكون هناك خطر داخلي، كما أن محاولة تفجير مسجد المصطفى في محافظة القطيف بتاريخ 20-11-1437ه كان الوضع مختلفاً تماماً، إذ أثارت تحركات أحد الأشخاص الاشتباه في أمره من رجال الأمن الموجودين في الموقع، فبادروا باعتراضه والتحقق من وضعه، ما دفعه في تلك الأثناء لمحاولة تفجير عبوة ناسفة موضوعة بحقيبة رياضية كان يحملها على ظهره قبل أسبوعين.