اتهم السودان جارته الغربية تشاد بشن غارة جوية ثالثة على أراضيه أمس، بعد يوم من إعلانه أن طائرات تشادية شنت غارتين جويتين. واعتبرت الخرطوم الغارات «عملاً من أعمال الحرب»، وتوعدت برد قاس، مؤكدة أن نجامينا «ستندم كثيراً» وستدفع ثمن أفعالها. وقال مسؤول المراسم في الخارجية السودانية السفير علي يوسف أحمد في تصريح أمس إن غارة جوية أخرى وقعت نحو العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي. وأضاف أن «العدوان مستمر، مما سيجعل الموقف أكثر صعوبة». وأشار إلى أن بلاده تعكف على إجراء مشاورات مع جيرانها مثل إثيوبيا، وكذلك مع الاتحاد الافريقي والسنغال التي توسطت في وقت سابق بين الخرطوم ونجامينا. وكانت الخرطوم قالت الجمعة إن ثلاث طائرات تشادية قصفت في موجتين جنوب مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود المشتركة بين البلدين، في عمق 60 كيلومتراً داخل الأراضى السودانية. واستدعت وزارة الخارجية السفير التشادي، وأبلغته احتجاجها على الهجوم، كما أحاطت به عدداً من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن. ونقل مركز إعلامي حكومي عن مسؤولين سودانيين أن «الوجود الاسرائيلي بدأ يتنامي في تشاد في محاولة لضرب العالم العربي من حدوده الجنوبية»، متهمين تشاد بأنها «دائما تحاول خرق أي اتفاق معها». وأشار مسؤول رئاسي إلى أن «السودان قابل ما جرى داخل تشاد من جانب المعارضة بدرجة عالية من ضبط النفس رغم التصريحات المتشددة التي أطلقها المسؤولون التشاديون ضد السودان». واكد أن «ما جرى في تشاد أمر داخلي ليس للسودان دور فيه، والحكومة والجيش لم يتدخلا فى الصراع التشادي، ولم يقم سلاح الطيران السوداني باختراق الأجواء التشادية... هذا الحادث سابقة خطيرة». يُذكر أن تشاد اتهمت السودان بدعم هجوم قام به متمردون في الرابع من الشهر الجاري استمر لمدة أسبوع قبل أن يتمكن الجيش التشادي من دحره. واعترفت نجامينا أمس بالهجوم ضمناً، لكنها اتهمت الخرطوم بالمبادرة بالهجوم. ووصف الناطق باسم الحكومة التشادية محمد حسين في بيان موقف السودان بأنه «كاللص الذي يطلب نجدة لإنقاذه من لصوص»، موضحاً أنه «إذا حصل تجاوز في المواجهات... فهو ليس إلا نتيجة الهجوم الذي نظمه السودانيون ضد تشاد باستخدامهم مرتزقة مسلحين ومدربين وممولين وموجهين عبر القمر الاصطناعي من قبل نظام الخرطوم». وقال حسين الذي لم ينف الغارتين أن «الملاحقة التي يقوم بها الجيش التشادي لا تستهدف إلا شل حركة العصابات التي تستخدمها الخرطوم وتجندها وتسلحها وتوجهها دائما ضد تشاد». وأضاف: «بما أن نظام الخرطوم ليس مستعداً للتخلي عن هذه الهجمات التدميرية، فلتشاد الحق في القضاء على الشر، بما في ذلك عبر أعمال وقائية ضد معسكرات تدريب وتجميع المرتزقة... وليست التهديدات بالرد التي يطلقها النظام السوداني هي التي ستثني القوات التشادية عن القيام بمهامها». وتتبادل الجارتان منذ سنوات اتهامات بدعم كل دولة لمتمردي الأخرى، وفشلت ستة اتفاقات مصالحة في إنهاء التوتر بين البلدين، كان آخرها اتفاق وقع في الدوحة مطلع الشهر الجاري. وكان الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصادق قال بعد الغارتين أول من أمس إن «الجيش السوداني مستعد للرد لكنه ينتظر توجيهات». وقال الناطق باسم الجيش السوداني العميد عثمان الأغبش أمس إن الغارة الثالثة «حصلت جديدة في الموقع نفسه وبالوسيلة نفسها»، مؤكداً عدم سقوط ضحايا. ورأى أن «النزاع بين السودان وتشاد لا يمكن أن يحل بالطرق العسكرية، بل لا بد من ان يحل بالطرق السياسية». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر ديبلوماسي غربي في نجامينا أن «هناك خطر تصعيد فعلياً وأكثر، وهذا مصدر قلق»، مؤكداً أن دوائر غربية «تراقب الوضع من كثب».