ركز «المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الاوسط» في جلسة صباحية رئيسة من يومه الثاني على «خطة الانقاذ الناجعة لمنطقة الشرق الاوسط»، أوضح فيها وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد، ان اكبر التحديات امام الحكومات العربية تعزيز القطاع الخاص والتنافسية وحركة انتقال الافراد في المنطقة، وأكد ان الاصلاح ليس فقط لمصلحة الاثرياء بل لتخفيف وطأة الفقر، خصوصاً في مصر. وتوقع وزير المال الاردني باسم السالم تراجع النمو الاقتصادي في الاردن من مستوياته المرتفعة، من ستة في المئة إلى 4.5 في المئة نهاية السنة، لكنه اوضح ان الاصلاحات المطبقة ستساعد على التخفيف من حدة التراجع، خصوصاً مع تطبيق القوانين الضريبية الجديدة وإصلاح التعريفات المالية والجمركية. ولفت وزير المال البحريني الشيخ احمد آل خليفة إلى ان المصارف العربية تسعى إلى ارساء نشاطها على اسس سليمة، فقد مرّت المرحلة الاولى للأزمة العالمية وستعود المصارف إلى الإقراض وإن في ظل خوفٍ من استمرار التذبذبات في اسواق المال، مشيراً إلى ان التحدي الأبرز للحكومات العربية في تأمين فرص عمل للمواطنين. وشدد الرئيس التنفيذي ل «أبراج كابيتال» عارف نقفي على ان الشرق الاوسط ليس في محور العاصفة، ومشكلته تنحصر في ازمة الثقة لدى المستهلكين، الذين يجب ان تسعى السلطات إلى اقناعهم بأن الوضع الاقتصادي سليم كي يعاودوا الإنفاق. ودعا الحكومات العربية إلى تفادي الحمائية. وأوضح رئيس مجلس الادارة في شركة «بووز» الأميركية للاستشارات جو صدّي ان التحدي هو الاستمرار في تأمين السيولة والاقراض في المنطقة، وعبّر عن تخوفه من تراجع وتيرة الاصلاح الاقتصادي العربي التي كانت سائرة على السكة الصحيحة في الفترة الماضية، واعتبر ان ثمة شركات تستفيد من فترة الانكماش في الاسواق العالمية لتحسين قدرتها الانتاجية وترشيد نشاطها استعداداً لعودة النمو. وأشار رئيس «بنك الإثمار» البحريني خالد الجناحي إلى ان التحدي الاكبر هو الاستمرار في إصلاح القطاع التعليمي، وأضاف ان الحكومات في الشرق الاوسط تسيطر على 80 في المئة من رأس المال المتوافر في الاسواق، ويجب ان تكون حذرة في تدخلها في الاقتصاد. ودعا «الحكومات والقطاع الخاص العربي إلى الاستغناء عن فكرة ان المستشار الاجنبي يفهم أفضل من القدرات العربية الموجودة، سواء في القطاع المالي او الاقتصاد ككل». ولفت إلى ان دبي هي الدولة الاولى التي ستستفيد من انتهاء الازمة المالية لأنها طورت بنيتها التحتية في شكل يمكّنها من العودة الى ذروة نشاطها بسرعة. وتلت الجلسة الاولى جلسات نقاش متلفزة وحلقات تناولت محاور منها الخوف من توجه دول المنطقة بعيداً عن الرأسمالية، وانحسار حركة الاصلاح الاقتصادي وتحرير الاسواق، وتعزيز دور المرأة في عالم الاعمال العربي وإيجاد مزيد من فرص العمل لها، وتعزيز القطاع الصحي، علماً ان الإنفاق الصحي في المنطقة يُتوقع ان ينمو بنسبة 300 في المئة إلى 60 بليون دولار بحلول 2025. وتناولت الجلسات أيضاً فرص الاستثمار في الطاقة البديلة في المنطقة وأهمية اصلاح قطاع التعليم، وفرص التطوير التكنولوجي الخلاق. وفي جلسة عن ظاهرة تقلّص الاقراض عالمياً، افاد خبير مصرفي بأن العالم خسر نحو 20 إلى 30 تريليون دولار من السيولة المالية، توازي إنتاج الاقتصاد الاميركي لسنتين، ولفت إلى ان تاريخ الاقتصاد مر دائماً في فترة من المبالغة في التمويل، تبعتها فترة شحّ. وأكد خبير آخر ان القطاعات تأثرت في شكل متفاوت بالشح المالي، وكانت الاكثر تأثراً مصارف الاستثمار الخاص والقطاع العقاري والخدمات المصرفية التجارية والبنية التحتية الحكومية والمشاريع الكبرى. الملكة رانيا والتنافسية المسؤولة وشددت ملكة الاردن رانيا العبدالله في جلسة مسائية عنوانها «الاستدامة في الشرق الاوسط» على ان «التنافسية المسؤولة تتمحور حول مكافأة الشركات التي تظهر اهتماماً جاداً بالمشاكل الاجتماعية والبيئية والاقتصادية في المجتمع، كما ترتبط بالأمم التي تزدهر وترتقي حين تحسن التوفيق بين الضمير والتنافسية». وأكدت ان «دمج الوعي الاجتماعي بالتنافسية يؤمّن الازدهار للأمم، كما ان هدف التنافسية المسؤولة جعل التنمية المستدامة ركيزة في الاسواق العالمية». وعُرض في الجلسة تقرير صادر من منظمة «أكاونتابيليتي» العالمية غير الربحية بعنوان «التنافسية المسؤولة في العالم العربي لعام 2009» بالتعاون مع «مؤسسة تميز الاستدامة في العالم العربي» الاردنية. وقوّم التقرير معايير التنافسية المسؤولة المعتمدة في 15 دولة عربية، واستنتج ان «العالم العربي يتقدم في تطبيق معاييرها»، وجاءت دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الترتيب العالمي الذي شمل 116 اقتصاداً عالمياً بعد دول «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» لكنها سبقت دول اوروبا الشرقية وآسيا الوسطى. وفي مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات العربية في المجتمع المدني، افاد الشريك المؤسس في مجموعة «القلعة» المصرية للاستثمار المباشر هشام الخازندار بأن المجموعة عقدت شراكة استثمارية مع «مؤسسة التمويل الدولية» في صندوقين استثماريين تابعين لها، الاول صندوق «سفينكس» المخصص للاستثمار في الشركات المصرية المتوسطة الحجم المتعثرة لإعادة هيكلة أعمالها، وتصل قيمة استثماراته إلى مئة مليون دولار. والثاني هو «صندوق القلعة للاستثمار المشترك» ورأسماله 500 مليون دولار، وسيدخل كشريك استثماري في كل استثمارات «القلعة» الجديدة في قطاعات مختلفة في منطقة شمال وشرق أفريقيا والعراق وسورية. ولدى المجموعة مشاريع زراعية في السودان حيث استثمرت في 254 الف فدان على النيل لزراعة السمسم والذرة وقصب السكر. وأنشأت عام 2006 «مؤسسة القلعة للمنح الدراسية» التي تتكفل كل سنة بإكمال التحصيل العلمي ل20 تلميذاً جامعياً مصرياً متفوقاً في الجامعات العالمية. وتستثمر المجموعة ثمانية بلايين دولار في 19 صندوقاً استثمارياً في 16 قطاعاً من 12 دولة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، منها الطاقة والاسمنت والعقارات المتخصصة والتعدين والزراعة والزجاج.