أطلقت الروائية والكاتبة ليلى الجهني العنان لقلمها في كتابها الجديد (40 في معنى أن أكبر) وتحدثت، وهي التي لا تتحدث، حديثاً جميلاً، إنه كتاب يمنح القارئ خصوصيته، وكأنما تسمع حديثها على انفراد أو هكذا تشعر على الأقل، ترافقك «الجهني» بحميمية حروفها وبشفافية عالية الجودة، وكأنما تهيئك كقارئ للإنصات وهي تستعرض بوحاً بين النفس والنفس، بلا فواصل ولا حواجز أو حدود. كتبت الجهني تجربة العمر التي يخشى كثيرون الإفصاح عنها وبتجرد، فتجدها حيناً سيرة ذاتية، وما هي بسيرة! وتجدها حيناً آخر تشبه الاعترافات وهي ليست كذلك، كتاب تفقد تصنيفه، هواجس قريبة وبعيدة، مخاوف وذكريات وترقُّب، صور مختلفة للأمل والألم والخوف والشك والموت والحلم والتأمل: «أحلامي صارت ثقيلة وغريبة ومليئة بالتفاصيل والألوان والحرارة والحروب والملامس المتباينة، وبعضها يشبه لوحة فنية ضخمة. عيناي غائرتان لطول ما قرأت وأوجعتني المعرفة». وفي 28 رؤية مختلفة تتنقل الجهني في طرح أفكارها عن نفسها، وعن فلسفتها الخاصة بالعمر والطفولة والأحلام الأولى والزواج وفردوس الأمومة الهش الذي لم ترغب في الولوج إليه، وتنتقل إلى خوفها من أن يشيخ بعد أعوام وجهها كما شاخ وجه محمود درويش، فتقول: «سأفكر حينها في كل خيباتي وهواجسي وما قلته، وما فعلته وما لم أفعله، فلا أتعزى عن شيء أو أحد، لأن ما خسرته سيكون دائماً أكثر».