مع من أفطر في هذه الحالة؟ جلست رمضان كله في السعودية ويوم الأربعاء سافرت الساعة 2 ليلاً إلى باكستان والعيد في باكستان يوم الجمعة، أما في السعودية فهو يوم الخميس. هل أصوم يوم الخميس مع دولتي أم أفطر؟ - جواب هذه المسألة مرتبط بمسائل خلافية عدة بين الفقهاء، وبعيداً عن الخلاف في هذه المسائل فإني أرى أن هذا الرجل قد ابتدأ الصيام مع أهل السعودية بناء على الرؤية الصحيحة، ثم صام ثلاثين يوماً، ثم انتهى شهر رمضان بالنسبة له؛ لأنه مكث في السعودية إلى ليلة العيد ولم يصل باكستان إلا صباح العيد بالنسبة للسعودية فقد خرج رمضان بالنسبة له. وعلى ذلك فلا يلزمه صيام اليوم الآخر مع أهل باكستان؛ لأنه بذلك يكون قد صام أكثر من ثلاثين يوماً، والشهر إنما يكون تسعة وعشرين أو ثلاثين يوماً لا غير- كما أخبر بذلك المصطفى – صلى الله عليه وسلم -: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا، وهكذا...» . وأشار بيده مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر - ولكن تلزمه مراعاة حرمة الشهر، فلا يجوز له إظهار الفطر أمام الصائمين من أهل البلد. الشيخ عبدالعزيز الشبل. إثبات الشهر بالحساب جائز؟ كما تعرفون، إن بلدنا تعتمد على الفلكيين من دون الرؤية في تعيين الأشهر القمرية، وفي رمضان الماضي انفردت بلدنا مع طائفة من العراقيين بالفطر، الكثير من الناس صاموا يوم العيد بحجة أن الرؤية لا تثبت إلا بالعين، وأن شرقنا وغربنا من دول العالم الإسلامي صائمون، وأن الهلال قد ولد على ما قال الفلكيون في الظهيرة، ولا يمكن رؤيته عند غروب يوم الشك، فهل عملهم هذا مشروع؟ أفتوني مأجورين. - الصواب أنه لا عبرة بالحساب الفلكي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا". وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ. أخرجه البخاري (1913) ومسلم (1080). وقال سبحانه وتعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[البقرة:185]. وقال عليه الصلاة والسلام: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لرؤيتِهِ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». أخرجه البخاري (1900) ومسلم (1080). وفي لفظ: «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ». أخرجه البخاري (1909). والأحاديث في هذا كثيرة، فالصحيح أن الشهر يدخل بأحد أمرين: الأمر الأول: رؤية هلاله. الأمر الثاني: إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً إذا لم يُرَ الهلال. ومثله – أيضاً - شهر شوال يثبت بواحد من أمرين: رؤية هلاله ممن تعتبر رؤيته، والثاني: إكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً. وأما بالنسبة لوضعكم، وأن بلدكم يتابعون الحساب فيظهر لي أنك تصوم وتفطر مع الناس، فإذا كان الناس يصومون ويفطرون بالحساب الفلكي فإنك تتابعهم؛ لحديث أبي هريرة، رضي الله عنه: «الصَّوْمُ يومَ تَصومُونَ، والفِطرُ يومَ تُفْطِرُونَ». أخرجه الترمذي (697) وأبوداود (2324) وابن ماجة (1660). والله أعلم. د. خالد المشيقح اختلاف الأهلة قديماً موجود؟ هل كان في زمن الخلفاء الراشدين أي جهود لتوحيد أوقات الصلاة أو يوم عرفة أو تاريخ بداية الشهر بين الأقاليم المختلفة؟ هل هناك دليل على أن تواريخ بداية الأشهر كانت مختلفة في بلاد المسلمين غير حديث كريب. - لا أعلم أن عهد الخلفاء الراشدين قد كانت فيه محاولة لتحديد أيام دخول الشهر، ولم يكن المسلمون بعد ذلك يتأثرون كثيراً بالاختلاف في هذا الأمر؛ لأنهم لا يعلمون بالاختلاف إلا بعد مدة، وكل أهل ناحية يبنون على رؤيتهم للهلال. فإذا حصل وأن تذاكروا رؤية الهلال فعلموا بالاختلاف عمل كلٌ بموجب ما كان تبيّن له أول الشهر، كما في حديث ابن عباس في صحيح مسلم (1087) في قصة مجيء كريب إلى المدينة من الشام، وكان قد دخل عليه شهر رمضان في الشام ثم قدم المدينة قبل نهاية الشهر، وقد وقع اختلاف في دخول الشهر بين أهل المدينة وأهل الشام، فلما أخبر ابن عباس بذلك ذكر له أنهم سيأخذون برؤيتهم ولو خالفت أهل الشام، ولم يكن ذلك سبباً في انزعاج ابن عباس أو محاولته توحيد الرؤية ونحو ذلك. وحديث كريب هذا هو الذي أعلمه واضحاً في هذه المسألة، ولكن النظر الواقعي لذلك الزمن يؤكد أن الاختلاف كان موجوداً بلا شك؛ لأن بلاد المسلمين متباعدة، ولا يلزم أن يرى الهلال أهل كل بلد، ثم قد يحصل في بعض البلاد ما يمنع الرؤية كالغيم ونحوه مما يلزم منه الاختلاف في ذلك لعدم وجود وسائل الاتصال. والله أعلم. د. تركي الغميز