استأنفت المحكمة العسكرية الإسرائيلية أمس محاكمة الجندي أليئور عزاريا قاتل الشاب الفلسطيني عبدالفتاح الشريف وهو ملقى أرضاً بلا قدرة على الحراك في الخليل في آذار (مارس) الماضي، وسط توقعات بأن تنتهي المحاكمة بصفقة بين النيابة العسكرية والدفاع لتخفيف العقوبة، فيما اعتبرت أوساط قضائية المحاكمة صورية موجهة إلى الرأي العام العالمي، مشيرة إلى حقيقة أن لوائح اتهام مماثلة قدمت في الماضي ضد ضباط وجنود بتهمة القتل غير العمد انتهت بعقوبات بسيطة، باستثناء حالة واحدة حكم فيها على القاتل بالسجن ثماني سنوات. وتستمع المحكمة على مدى أربعة أيام هذا الأسبوع إلى شهود من جانب الدفاع، على أن تعقد سبع جلسات أخرى الشهر المقبل للاستماع إلى آخرين بعد أن استمعت إلى شهود النيابة. وكان أول المدافعين عن القاتل ضابط الأمن في المستوطنة اليهودية في قلب الخليل المحتلة إلياهو ليبمان الذي قال إن إطلاق النار على «مخرب» بهدف تأكيد القتل هو أمر متعارف عليه في الجيش لشل حركات «المخرب». وأضاف أن «التعليمات تقضي بإطلاق النار على جسم المعتدي وبعد ذلك شل حركته تماماً برصاصة في الرأس، وبالنسبة إلي طالما أن المخرب على قيد الحياة فإنه يشكل خطراً، وهذا ما حصل عشرات المرات عندما قتل جنود مخربين فلسطينيين ولم يحاكمهم أو يسائلهم أحد». وتابع أن عزاريا «كان على صواب حين اشتبه بأن تحت المعطف الذي ارتداه الفلسطيني حزاماً ناسفاً، إذ لا يعقل ارتداء المعطف في يوم حار». وهاجم النيابة العامة على تقديمها لائحة الاتهام ضد عزاريا، وقال إنها «بحثت عن كبش فداء». وكان الجندي القاتل قال إن محاكمته «تأتي فقط لإرضاء العالم والصحافة». وادعى أنه أطلق النار بعد أن أحس بالخطر من الفلسطيني، وأنه لم يكن خيار آخر أمامه. وعندما سُئل عن إفادات زملائه بأنه قال بعد أن قتل الفلسطيني إنه «يستحق الموت»، ادعى أنه لا يذكر ذلك. وبين مقدمي إفادات الدفاع ثلاثة ضباط كبار سابقين في الجيش، بينهم نائب رئيس هيئة أركان الجيش سابقاً عوزي ديان، ومستوطنون في الخليل المحتلة. وكانت النيابة العامة عدّلت لائحة الاتهام من القتل العمد وعقوبتها الحكم المؤبد، ووجهت إلى القاتل تهمة «القتل غير العمد» وعقوبتها السجن بضع سنوات، وهو ما حصل مع جنود قتلة في السابق إذ لم توجَّه إلى أي منهم تهمة القتل العمد، إنما فقط «القتل غير العمد» أو أخف منها «التسبب بالقتل من طريق الإهمال» وعقوبتها غالباً السجن بضعة شهور. وأحصت صحيفة «هآرتس» لوائح الاتهام التي قدمت في الأعوام العشرين الماضية ضد جنود قتلة، انتهت غالبيتها ب «صفقة» بين النيابة العسكرية والدفاع، أو تخفيف بنود الاتهام. وأضافت أن محاميي عزاريا اقترحوا على النيابة العسكرية «صفقة»، لكن الأخيرة رفضتها بداعي قناعتها بأن عزاريا قتل الشاب الفلسطيني من دون أن يكون في خطر. وكشفت قناة تلفزيونية إسرائيلية الأسبوع الماضي أن الدفاع قدم للمحكمة رأياً طبياً من اختصاصي علم نفس أفاد بأن الجندي كان يعاني قلة النوم وسوء التركيز عندما أطلق النار على الشريف. وخلال الانتفاضة الثانية قدمت النيابة العسكرية أربع لوائح اتهام بالقتل غير العمد ضد جنود قتلة لكن المحاكمات انتهت إلى صفقات وعقوبات طفيفة. وكانت آخر لائحة اتهام وجهت في العام 2010 إلى جندي أطلق النار خلال الحرب على غزة في العام 2009 على مجموعة فلسطينيين يهربون من بيوتهم التي تعرضت لتفجير الطيران الحربي الإسرائيلي، وبعضهم يحمل العلم الأبيض، وقتل الطفلة ماجدة حجاج ووالدتها ريا. لكن لاحقاً تم تعديل لائحة الاتهام بداعي أنه «ليس ممكناً معرفة السبب المباشر لمقتلهما، وهل نتيجة التفجير أم برصاص الجندي»، وحكم عليه بالسجن 45 يوماً. وحوكم الجندي قاتل الطفل الفلسطيني عمر موسى مطر (14 سنة) بالسجن مع وقف التنفيذ وخفض رتبته. أما الجندي الوحيد الذي عوقب بجدية فكان الجندي البدوي تيسير الهيب الذي دين بتهمة القتل غير العمد لناشط بريطاني من منظمة التضامن الدولية ISM في غزة وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات.