لن تذهب بفكرك بعيداً أو تجهده كثيراً، إذا ما سُئلت عن سر تسمية الحفلة التي تقام في مثل هذه الأيام من كل عام وتدعى «الشعبنة»، إذ ستجيب من دون تردد «لأنها تنظم في أواخر شهر شعبان ابتهاجاً بمقدم شهر رمضان المبارك». هذا المفهوم الخطأ عن المرجع الأساس في تسمية هذه «التظاهرة» هو ما صححه عمدة حي الهجلة (أحد أهم أحياء مكةالمكرمة لقربه من الحرم المكي واحتضانه زوار بيت الله) محمود سليمان البيطار، الذي أوضح أن إطلاق الاسم على هذه المناسبة جاء من طبيعة المجتمع المكي (الحركية)، إذ كان يخرج إلى الشعاب في تلك الأيام ومنها سميت بهذا الاسم. وجرت العادة على إضاءة الأنوار في جميع ليالي الاحتفال ب «الشعبنة»، وعرض أشياء تراثية قديمة من المهن والحرف، وتتخلل الأجواء المعطرة بإطلاق الأبخرة في الهواء، تقديم المأكولات والألعاب الشعبية والفلكلورية الأصيلة. وكغيرها من المناسبات، أدخلت على الشعبنة أخيراً بعض البرامج إذ خصص منها جزء لعرض إبداعات فناني أبناء المنطقة التشكيليين، وإضافة فقرات أخرى تشمل تكريم بعض الرموز في المنطقة. وقال عمدة الحي المعتق (الهجلة): «في «الشعبنة» نقدم جميع المأكولات القديمة التي لم يدركها الجيل الجديد، مثل الفول والمعصوب والهريسة والمقادم والحلويات الشعبية كالبنية والحلاوة القطن وأخرى لا أحصيها، إلى جانب عصير الشربت والتمر الهندي والتوت». وأضاف البيطار: «يجتمع في «الشعبنة» الأدباء والتربويون والرياضيون وكل من له إسهامات خيرية يقدمها للحي، كما يتم التعريف عن عمدة الحي ودوره ووضعه، كيف كان في السابق، وهو مازال العين الناظرة في الحي. وزاد: «لا ننكر أن هناك اختلافاً بين «الشعبنة» في الماضي والآن»، لافتاً إلى أن «الشعبنة» تظل رمزاً من رموز منطقة الحجاز، فهي وحدها من يكنز تراثنا المحلي القديم وتكشف للأجيال القادمة الإرث الاجتماعي الذي يزخر به مجتمعنا». وعما إن كانت هناك مضايقات، أوضح عمدة الهجلة: «نقيم هذا الملتقى تحت مظلة إمارة منطقة مكةالمكرمة، وبعد أخذ الإذن منها مسبقاً، وإن كانت هناك مضايقات فهي قليلة جداً، وحين يتفهمون المعنى ويشاهدون ما نقدمه يتغير مفهومهم تماماً». وكشف العمدة البيطار إحداث تغيير في مسمى «الشعبنة» لتصبح «ملتقى شعبياً تراثياً» يقام في التوقيت نفسه من شعبان من كل عام، لفك الاعتقاد البعيد من أذهان الناس، ذاكراً أنه سيتم ضمن فعاليات هذا العام عرض سيارات قديمة.