اعتبر الفنان التشكيلي ناصر الموسى أن تأسيس جماعات تشكيلية، مثل جماعتي «ألوان» و«الرياض» وسواهما ظاهرة صحية حظيت بتشجيع عدد من الفنانين. وقال إن مهمة هذه الجماعات إثراء المشهد التشكيلي، ودفع الفنانين إلى إجراء المقارنات، للوصول إلى درجة من القناعة بأن يعرضوا تجاربهم على جمهور الفن التشكيلي، لافتاً إلى أن المعرض الجماعي «أقوى من المعرض الفردي. والجماعة تقدم نفسها للآخرين ربما في شكل أكثر تعبيراً. في الجماعات الفنية، يمكن أن ترى روح المنافسة وتحفيز بعضهم البعض. وكل جماعة تقدم فكراً تشكيلياً معيناً. على أن ظاهرة الجماعات الفنية ليست جديدة، فهي كانت موجودة في القرن الثامن عشر في باريس، وكان يقودها مجموعة من الفنانين والموسيقيين والنقاد والتشكيليين. وكان صالون باريس يضم مجموعة الفنانين المنبوذين أو المطرودين، ومنهم بيكاسو وآخرون وقد خرجوا للشوارع، ولم يكن أحد يتقبلهم فشكلوا جماعة مثل صالون باريس، وثابروا على العمل حتى اقنعوا الآخرين، فأصبحت لوحاتهم تباع بملايين الدولارات، لأنهم خرجوا من هذه المجموعات وأخذوا من فكرها وثقافتها. وبالتالي فالجماعات الفنية في المشهد التشكيلي السعودي، سيكون لها أثرها في زيادة الحركة الفنية التشكيلية في السعودية». وتمنى من الأشخاص «الذين قدموا استقالتهم والذين لا يرغبون في الاستمرار في جمعية التشكيليين السعوديين، أن يقوموا بتبرير أسباب الاستقالة»، مشدداً على أن كل جمعيات المجتمع المدني «تقوم على التشغيل الذاتي، ولا تعتمد على الدعم والمساعدات الحكومية، ونحن ما زلنا في بدايات التفعيل، لكن نحن سعداء بتأسيس جمعية تسهم وتقوم على العمل الفني، وتدعمها وزارة الثقافة، ولعلنا في الانتخابات المقبلة سنقدم ما يشفع لنا في التقدم خطوة واحدة، وإيجاد مقر وكادر وظيفي وموازنة ثابتة». ويقول الموسى في محاولة لإضاءة تجربته الطويلة مع الحروفية: «بدأت في تجزئة الجملة إلى كلمة واستخرجت منها حروفاً، بعد ذلك بدأت الحروف تشكل برموز جميلة، وأردت أن يكون الحوار مع هذا العمل بصرياً، والا يكون هذا الاستمتاع بمجرد الخروج بمدلول أدبي فقط»، مشيراً إلى أنه من ضمن الأهداف التي أريد أن تصل إلى المتلقي، أن هناك أعمالاً تؤثر في النفس يمكن للإنسان الاستمتاع بها ويتحرر معها، ويمكن أن يكون هناك حوار بين الرائي والألوان «لماذا استخدمت هذه الألوان؟ ولماذا هذه الألوان ساخنة وهذه باردة؟ ما هي العلاقة بين هذه الألوان والطبيعة؟ وهل الألوان الرمادية تناسب بيتنا؟»، لافتاً إلى انتقاله تدريجياً «من الكلمة إلى الحرف، وأصبح الحرف حاضراً والتكرار جزءاً مهماً من العمل الفني وبعمل استخدام الألوان. وكانت هذه الأمور تشد الناس، وبهذه الطريقة يتجاوز الإنسان مع العمل الفني. وجاءت النقطة مع الحرف ومرحلة الشدة، وكانت المعارض الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر تأخذ مسميات صوت الحرف وموسيقى الحرف وهمس الحرف». وفي ما يخص معرضه الأخير والذي كان عنوانه «الله أكبر» وأقيم في الرياض، وافتتحه الدكتور عبدالعزيز السبيل ورافقه صدور كتاب ضخم يضم منتخبات من تجربة الموسى التي امتدت أربعين عاماً، وكان اسمه «ناصر الموسى ما بين الحرف واللون»، أوضح أنه ترك صدى كبيراً، متطرقاً إلى تأجيله أكثر من مرة، بسبب وفاة أمه، ثم وفاة أخيه سعد. ويقول إنه بدأ في جمع المحاور وتحديديها في كلمات، وتجمع لديه حوالى 150 عملاً تحت مسمى «الله أكبر» تعبر عن مرحلة معينة، وتعكس ثيمة محددة، لكنها متنوعة. وعبر عن امتنانه لنجاح المعرض، وعرضه في ثلاث محطات، وما لاقاه من اهتمام لوزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة. ويوضح الموسى قائلاً: «الحرف العربي جميل، واللغة العربية نعتز بها لأنها لغة القرآن الكريم. ولذلك علينا كفانين عرب ومسلمين، أن نستفيد من هذه اللغة المثيرة»، مشيراً إلى أن هناك خطاطين «قطعوا أشوطاً كبيرة في مجال الخط العربي، ولكننا كفانين تشكيليين نأخذها من منحى آخر بصرياً، وإعادة الصياغة ويعتبر الخط العربي رمزاً من رموزنا وكيف لا؟ وفنانو الغرب استفادوا من هذا الحرف، ونحن أولى في الاستفادة من هذا الحرف العربي». وحول صمته وعدم ميله إلى انتقاد الأوضاع في جمعية التشكيليين، قال ان مهمته كفنان تشكيلي في المقام الأول، أن يقدم نفسه فناناً «يشارك الناس همومهم ومشاعرهم ونشر الثقافة التذوقية في المجتمع مع زملائه الفنانين، والحوار مع المتلقي وزيادة الذوق البصري للمتلقي، وهذه أمور لها عظيم الأثر مستقبلاً»، مستدركاً أن «هذا لا يعني أن ناصر الموسى ليست له آراء، ولكن آرائي في القطاع التشكيلي هي في الاختلاف والاتفاق مع الآخرين، وإعطاء الآخرين فرصة التذوق، وان يزداد الإقبال من الفنانين التشكيليين، وان يكون العمل التشكيلي في كل منزل، إذا لم تؤثر في مجتمعك فأين يمكن أن تؤثر»، متسائلاً: «ما الداعي إلى الاصطدام مع الآخرين؟ المسألة مسألة ذوق واستنتاج، وهل أنا افرض مسألة التذوق على الآخرين؟ المتلقي هو الذي يختار ويرى ما يناسبه. والتذوق البصري في المجتمع السعودي بدأ يزداد بشكل كبير». ولفت إلى أن أفق الفن التشكيلي زاد ومساحة التشكيلين اتسعت وأخذت مواقع الصدارة في كثير من المناسبات، يعزز ذلك بحسب رأيه حصول الفنانين التشكيليين على جوائز كبيرة، والمشاركة في مناسبات تشكيلية مهمة، «وهذا يدل على أن الفنان التشكيلي يلقى الرعاية والاهتمام والاحترام والتقدير، والإشادة التي حظي بها معرض الفنانين التشكيليين، الذي أقيم في باريس من التشكيليين الفرنسيين هي اكبر دليل على وصول الفن التشكيلي السعودي إلى مصاف العالمية. وأنا اعتز بما يعمله الفنان التشكيلي السعودي، حتى ولو كانوا مختلفين في الاتجاه. لأن المشهد يتسع للجميع». وحول تجربة المرأة في التشكيل السعودي، أوضح الموسى أن الفن التشكيلي «لا يفرق بين المرأة والرجل. الفن هو الفن، سواء جاء من رجل أو امرأة، ولا يمكن تصنيف الفن على أنه نسائي أو رجالي. لكن قد تكون مشاركة المرأة محدودة، بحكم العادات والتقليد الموجودة، لكن في الآونة الأخيرة بدأت الفنانة التشكيلية تأخذ مكاناً مميزاً في الداخل والخارج، وأقيم لها عدد من المعارض، من خلال وزارة الثقافة والإعلام. كما أصبح لها حضور في المناسبات الدولية العديدة، مثل المعرض المقام حالياً في باريس.