تتحرك الحكومة المصرية في كل الاتجاهات في محاولة دائبة لإعادة العافية إلى قطاعها السياحي، أحد مصادر الدخل الرئيسية الذي تراجع دوره عقب سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والربط بين الحادث والإرهاب. وأدى الحادث إلى منع الرحلات الجوية من عدد من أكبر الدول الأجنبية المصدرة للسياحة إلى مصر، وترتب على ذلك انهيار لمؤشرات القطاع السياحي وتوقف عشرات الفنادق عن العمل، وخسائر تجاوزت 5 بلايين دولار سنوياً مقارنة بعام الذروة 2010 الذي سبق ثورة كانون الثاني (يناير) 2011. وأكد رئيس قطاع السياحة الدولية في الهيئة المصرية العام للتنشيط السياحي محمد عبدالجبار، أن القطاع خسر أكثر من خمسة ملايين سائح العام الماضي، إذ لم يتجاوز عدد السياح 9.3 مليون سائح مقارنة ب 14.7 مليون سائح في 2010، علماً أن القطاع السياحي يمثل 11.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي المصري، ويعمل فيه أكثر من 4 ملايين مواطن. وقدر عاملون في القطاع السياحي التقت بهم «الحياة»، أن القطاع السياحي المصري يتكبد يومياً خسائر تقدر بنحو 20 مليون دولار نظراً إلى عزوف السياح عن زيارة مصر واستمرار حظر السفر الذي فرضته العديد من الدول إلى مصر، خصوصاً روسيا وبريطانيا، ما أدى إلى تراجع متوسط الإشغالات في المدن السياحية إلى أقل من 25 في المئة طوال العام. وأشار عبدالجبار في مؤتمر صحافي خصصه لوسائل إعلام خليجية، إلى أن خسائر القطاع تأتي لتمثل عاملاً إضافياً يزيد من تفاقم أزمة الدولار في مصر على رغم محاولات وزارة السياحة تحسين أوضاع القطاع السياحي في مصر، من خلال تشكيل لجنه لإدارة الأزمات، وتعيين شركة «جي دبليو تي» العالمية للدعاية والإعلان، بعقد قيمته 22.5 مليون دولار سنوياً، لتنفيذ حملة ترويج سياحي لمصر في الخارج على مدى ثلاث سنوات، وسبقها تشكيل المجلس الأعلى للسياحة برئاسة رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، ويضم مختلف الوزارات، بما فيها وزارة الخارجية والداخلية والبيئة والاستثمار والإرشاد السياحي، بالإضافة الى تعيين شركات متخصصة لتأمين امن المطارات، وتركيب كاميرات مراقبة. وقال إن موازنة الحملة الإعلانية تعدت 45 مليون دولار، إذ «تحركت مصر في كل الاتجاهات لدعم القطاع من خلال عدد من المحاور في إطار إدارة الأزمة، أهمها البحث عن أسواق بديلة، فتوجهنا إلى الأسواق العربية والمحلية، من خلال مجموعة من الحوافز، تشمل خفض أسعار التذاكر والفنادق وتسهيل استصدار تأشيرات، وفتح خطوط مباشرة، ودعوة إعلاميين، وحل كل المشاكل التي كانت تواجههم سابقاً». وأشار عبدالجبار إلى أن الحملة الترويجية في الأسواق البديلة، شملت كل من الهند والصين وأميركا اللاتينية ودول الاتحاد السوفييتي سابقاً، بالإضافة إلى دعوة المصريين في الخارج الى زيارة بلدهم، خصوصاً الجيل الثاني والثالث من الشباب الذين يعيشون في أوروبا وأميركا وأستراليا وكندا، علماً أن أكثر من 10 ملايين مصري يعيشون في الخارج، وتصل تحويلاتهم السنوية إلى 47 بليون دولار. ولفت إلى أن مصر تحاول تنويع منتجها السياحي، بالتركيز على السياحة الفنية والرياضية والدينية وسياحة المؤتمرات. أما مستشار الشؤون الفنية في هيئة تنشيط السياحة في مصر عادل المصري، فوصف الوضع السياحي في مصر بأنه «متأزم للغاية»، معتبراً ما تمر به السياحة «أسوأ كارثة في تاريخها»، ومشدداً على أن المستثمرين السياحيين لم تعد لديهم مقدرة على احتمال الظروف الحالية، في وقت تتزايد الأعباء عليهم. وقال ل «الحياة» إن «الأزمة الحالية في مصر ليست أزمة سياحية بمقدار ما هي أزمة سياسية، انعكست سلباً على القطاع السياحي، والدليل أن أوروبا لم تربط حادثة سقوط الطائرة المصرية الآتية من باريس، بانعدام الأمن والسلامة في المطارات الفرنسية، مثلما فعلت في حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء». ولم ينكر رئيس قطاع السياحة الدولية أن تدفق السياح من جميع أرجاء المنطقة العربية إلى مصر، بالإضافة إلى السياحة الداخلية، عوض جزءاً من غياب السياح الروس والبريطانيين والألمان، الذين منعتهم بلادهم من السفر إلى مصر بدعوى «غياب الأمن» عقب سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء، والذين كانوا يمثلون أكثر من 45 في المئة من إجمالي عدد السياح الآتين الى مصر. أما محافظ جنوبسيناء خالد فودة، فأكد خلال مؤتمر صحافي عقده خصيصاً للوفد الإعلامي الآتي من دول الخليج وإعلاميين من بعض الدول العربية الأخرى، أن مدينة شرم الشيخ التي تلقت أكبر ضربة سياحية جراء سقوط الطائرة الروسية التي انطلقت من مطارها، تتمتع بأمان على أعلى مستوى، مستعرضاً مميزات السياحة والمقاصد والإمكانات السياحية والمميزات العالمية، وفق المعايير التي تجعل شرم الشيخ المقصد السياحي الأول في العالم، بالإضافة إلى أن المنظومة الأمنية المتبعة بمطار شرم الشيخ الدولى. وجاء لقاء المحافظ مع الوفد الإعلامي بعد ساعات قليلة من استقباله وفداً رسمياً من الحكومة الروسية، للبحث في مستويات الأمن والسلامة في مطار المدينة التي تستقبل آلاف السياح الروس سنوياً. وأكد محافظ جنوبسيناء، أن المدينة تخسر أكثر من 250 مليون دولار شهرياً، منذ فرض روسيا ودول أوروبية أخرى الحظر على مواطنيها من السفر إلى مصر عموماً وشرم الشيخ خصوصاً. وقدر إجمالي الخسائر التي تكبدتها شرم الشيخ منذ سقوط الطائرة الروسية قبل 11 شهراً بنحو 250 بليون دولار.