اتهمت السلطات المصرية قياديين في «الإخوان المسلمين»، بينهم عضوان في مكتب إرشاد الجماعة ونائبان من كتلتها البرلمانية، بتشكيل «خلية هدفها الإرهاب وتبييض الأموال». وقررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 13 من أعضاء الجماعة، بعدما حققت معهم أمس على خلفية هذه الاتهامات. وكانت أجهزة الأمن شنت فجر أول من أمس حملة دهم واسعة استهدفت منازل قيادات في «الإخوان» وبعض عناصرها في 6 محافظات، واعتقلت عضو مكتب الإرشاد الدكتور أسامة نصر و12 آخرين، كما أغلقت ثلاث شركات ومركزاً لتعليم اللغة العربية للأجانب يملكها أعضاء في الجماعة. وأمرت نيابة أمن الدولة أمس بسجن المعتقلين 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بعدما وجهت إليهم تهم «الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون والدستور، كان الإرهاب أحد وسائلها لتحقيق أغراضها، وحيازة أوراق ومحررات ومطبوعات تحمل ترويجاً لتلك الجماعة معدة لإطلاع الغير، وإمداد تلك الجماعة بمعونات مادية مع علمهم بأغراضها، إضافة الى تبييض أموال متحصلة من إحدى جرائم الإرهاب بقصد إخفائها وتمويه مصدرها وطبيعتها». واطلعت «الحياة» على محاضر التحريات التي جاء فيها أن «أجهزة الأمن قامت بإجراءات بحث وتعقيب واسعة دلت على أن عضوي مكتب إرشاد الإخوان عبدالمنعم أبو الفتوح وسعد عصمت الحسيني، إضافة إلى عضو الكتلة البرلمانية للجماعة النائب حسين إبراهيم، كونوا لجنة باسم لجنة الاتصال الخارجي، وظيفتها مساعدة التنظيم على المستويين العربي والعالمي، ودعم مكتب إرشاد التنظيم العالمي» للجماعة. وأكدت المحاضر «تحديد تشكيلات سرية لتلك اللجنة، إذ تبين أن القيادي سعد الحسيني هو المسؤول عن نشاطها، وأنها تعمل وفق سياسة الجماعة بمعاونة عضو التنظيم محمود البر (لم يتم توقيفه على ذمة القضية) إضافة إلى (القيادي المعتقل) الدكتور عصام الحداد» الذي أشارت التحريات إلى أنه «كان يتولى مسؤولية تلك اللجنة ويترأس اجتماعها في حال غياب سعد الحسيني، كما أنه مسؤول عن تنفيذ خطة اللجنة ومتابعة كوادر التنظيم في عملهم». ولفتت إلى أن الدكتور إبراهيم مصطفى، وهو أحد المعتقلين، «يتولى الأمانة العامة للجنة، وهو مسؤول عن وضع جدول الأعمال ومتابعة تنفيذ القرارات والتكليفات في قيادات التنظيم». وأكدت أن رئيس الكتلة البرلمانية للجماعة النائب سعد الكتاتني ونائبه حسين إبراهيم «كانا نائبي مسؤولي اللجنة». وأوضحت أن «وحدة تنظيمية تابعة لتلك اللجنة تسمى البعوث، ويتولى مسؤوليتها الحسيني، تشرف على إدارة حركة التنظيم بين الطلاب الوافدين من أنحاء العالم إلى المدارس والجامعات والمعاهد (التابعة للأزهر الشريف) ورعايتهم واستقطاب من يصلح منهم وتدريبهم على أساليب الدعوة وفكر التنظيم». وقالت إن «من أساليب التدريب إنشاء مراكز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتعليمهم العلوم الشرعية»، إضافة إلى «تقديم الدعم المادي لهؤلاء الطلاب لضمان ولائهم للتنظيم داخل البلاد خلال فترة دراستهم وعقب عودتهم إلى بلادهم». وبين «الوحدات التنظيمية» الأخرى التي ذكرتها التحريات «وحدة اللجان الإقليمية المسؤول عنها الحداد ويعاونه إسماعيل حامد، وتم إلقاء القبض عليهما. ووظيفة الوحدة الاتصال بكل الأقطار والتنسيق مع جميع البؤر التنظيمية في أفريقيا وأوروبا وآسيا وأميركا. أما «الوحدة الثالثة»، فتدعى «وحدة الاتصال بين الجيلين، ويتولى محمد الغرباوي مسؤوليتها ويعاونه هشام صقر (وهما ضمن الموقوفين) هدفها التنسيق مع مسؤولي البؤر والتشكيلات التنظيمية الموجودة في الدول الأوروبية لاستقدام وفود شبابية من أبناء القارة الذين اعتنقوا الإسلام وسبق استقطابهم وإقناعهم بأفكار التنظيم». وأوضحت التحريات أن «تلك اللجنة عقدت دورة تدريبية لبعض عناصر التنظيم في الكويت، حيث تم إعدادهم خلالها لتولي المسؤولية التنظيمية تحت غطاء سري لبعض الجمعيات التي وفرت مصادر تمويل». وأشار محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود إلى أن تهمة تبييض الأموال الموجهة إلى عناصر الخلية «سبق أن برأت منها محكمة عسكرية قياديين من الإخوان»، على رأسهم النائب الثاني للمرشد خيرت الشاطر. وقال ل «الحياة» إن «الأمور في هذه القضية لم تتضح بعد، إذ ستواصل نيابة أمن الدولة تحقيقاتها اليوم وغداً». وعن إمكان توقيف عضوي مكتب الارشاد أبو الفتوح والحسيني ورفع الحصانة عن النائبين إبراهيم والكتاتني، قال عبدالمقصود: «إذا اتخذ مثل ذلك الإجراء، فسيكون سياسياً أكثر منه قانونياً ويخضع لمحددات كثيرة، أهمها حجم التصعيد ضد الإخوان». لكنه اعتبر القضية «رسالة إلى الجماعة مفادها أن الاعتقالات من الممكن أن تطال أي عضو في مكتب الإرشاد، وان لا سقف لها، ورسالة أخرى إلى النواب تقول إن الأجهزة الامنية ترصد تحركاتهم رغم عدم قدرتها على منعهم من السفر». ورفض النائب حسين إبراهيم التعليق على الاتهامات، قائلاً: «هذه القضية لا تستحق التعليق والكل يعلم مصادر تلك المعلومات». وأكد ل «الحياة» أن كل سفرياته إلى الخارج «تتم وفقاً لمهمات منصبي باعتباري نائب رئيس المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، ورئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور يعلم بتلك السفريات، وأستأذنه قبل السفر... إذا كان افتعال تلك القضية الهدف منه توجيه رسالة، فهي رسالة خاطئة».