سيطرت أمس قوات ضخمة من الجيش اليمني مدعومة بغطاء جوي من التحالف العربي على مدينتي «زنجبار» و «جعار»، أكبر مدن محافظة أبين الجنوبية الواقعة شرق عدن، في سياق حملة عسكرية باشرتها الحكومة لطرد تنظيم «القاعدة» من المحافظة التي يتحدر منها الرئيس عبدربه منصور هادي. وأفادت مصادر عسكرية وشهود بأن قوات من الجيش الموالي للحكومة الشرعية مزودة عربات ثقيلة وآليات عسكرية، تمكنت من السيطرة أمس على مدينة زنجبار عاصمة أبين ومدينة جعار ثاني أكبر مدينة في المحافظة، في ظل مواجهات مع عناصر من تنظيم «القاعدة» سبقت فرارهم. وأضافت المصادر أن قوات الجيش سيطرت على المقرات الحكومية في المدينتين وانتشرت في أحيائهما، بالتزامن مع توجُّه قوة إضافية باتجاه مدينة «شقرة» الساحلية في المحافظة. وتحدّثت عن خروج مئات من المواطنين إلى الشوارع ترحيباً بالقوات الحكومية وبطرد مسلحي التنظيم الذين كانوا سيطروا على مدن أبين وبلداتها بضعة أشهر. وأفادت المصادر الرسمية الحكومية بأن العملية التي نفّذها الجيش والمقاومة بإسناد من قوات التحالف العربي أوقعت «40 قتيلاً وعشرات الجرحى من العناصر الإرهابية، وفرّ عشرات منهم إلى جبل حسان». وأشارت إلى أن القوات الحكومية «طهّرت بالكامل مدن وبلدات زنجبار، وجعار، والكود، والمخزن، والجول، والمسيمير، وتواصل ملاحقة العناصر التي فرت من المعارك». وقال مصدر عسكري ل «الحياة»، أن القوات الشرعية توغّلت في زنجبار ظهر أمس، بعد السيطرة على منطقة الكود والشيخ عبدالله، وسط انهيارات وانسحاب جماعي لعناصر «القاعدة». ووفقاً لمصادر في المحافظة فإن عملية تحرير أبين التي نفّذتها قوات التحالف ستساهم في القضاء على جيوب «القاعدة» التي تكوّنت بعد فرار التنظيم من المكلا، نتيجة ضربات التحالف. وتقول المصادر إن عملية التحالف الجديدة ستُجهز على ما تبقى من المتطرفين والمتعاطفين معهم في المحافظة. في غضون ذلك، وصل نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر إلى مدينة مأرب للإشراف على المعارك التي يقودها الجيش والمقاومة ضد ميليشيا الحوثيين وقوات علي صالح في مديرية نهم شمال شرقي صنعاء، وعلى جبهات القتال في محافظاتمأرب والجوف وتعز وشبوة وحجة. وواصل طيران التحالف العربي غاراته الكثيفة على مواقع وتجمُّعات للمليشيات المتمردة في محيط صنعاءومحافظات تعز وحجة والحديدة والجوف ومأرب وإب. واستهدفت الضربات الخطوط الأمامية للمتمرّدين في مناطق نهم حيث امتدت المعارك إلى معسكرات لهم في الحديدة الساحلية وفي مدينة إب والأجزاء الغربية من محافظة تعز. وفي بيان تلقته وكالة «فرانس برس» أمس، نفى الناطق باسم التحالف العربي اللواء أحمد عسيري أن يكون التحالف استهدف مدرسة في اليمن، موضحاً أن الطيران قصف «مركزاً للتدريب» في محافظة صعدة. وزاد إن الحوثيين «يستخدمون الأطفال كمجنّدين». وكشفت مصادر ل «الحياة» أن القوات السعودية تمكّنت من تدمير خمس مدرّعات لميليشيا الحوثيين قرب حدود المملكة، وقتلت 90 مسلحاً أطلقوا النار وقذائف باتجاه مدينة نجران الحدودية السعودية، بعد سقوط ثلاثة مقذوفات على نجران وآخر على مصنع للمياه ما تسبّب في إصابة ستة أشخاص. وتمكّن طيران التحالف من تدمير مدرّعات ومخزن للصواريخ والقذائف باتجاه مديرية حرض. كما دمّرت الدفاعات الأرضية السعودية صاروخاً باليستياً أُطلق من على الحدود باتجاه خميس مشيط. وقصفت طائرات التحالف مواقع في قرية الخدور اليمنية المحاذية للسعودية ومديرية الملاحيط اليمنية المتاخمة لمنطقة الخوبة السعودية، وقتل 10 مسلحين كانوا يحاولون التسلُّل إلى جبل الدود. على الصعيد السياسي، وافق نواب حضروا إلى البرلمان اليمني أمس، ومن دون اكتمال النصاب القانوني، على منح الثقة ل «المجلس السياسي الأعلى» (مجلس الحكم الرئاسي) الذي شكّله المتمردون الحوثيون وأنصار علي صالح. وأدى أعضاء المجلس العشرة بمن فيهم رئيسه صالح الصماد اليمين الدستورية أمام النواب الذين تنتمي غالبيتهم إلى حزب الرئيس السابق. لكن أحد أقارب صالح وهو نائب هاجم «المجلس السياسي» وطالبه بأن يكون «ممثلاً لإرادة الشعب وخاضعاً للمؤسسات الدستورية والقانونية»، وألاّ يكون تابعاً ل «ولاية الفقيه» في إشارة إلى زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي الذي يُعتقد بأنه يحاول استنساخ التجربة الإيرانية في الحكم. وكان البرلمان عاد إلى الانعقاد أول من أمس بناء على دعوة من علي صالح والحوثيين، وأيد النواب الحاضرون من دون اكتمال النصاب القانوني قرار تشكيل «مجلس سياسي أعلى» لإدارة البلاد بعيداً من الحكومة الشرعية. وفي الرياض، التقى هادي أمس، رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات تتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان. وأعلنت وكالة الأنباء اليمنية أن هادي «تسلّم من رئيس اللجنة القاضي قاهر مصطفى، تقريراً مصوّراً يتضمن الانتهاكات، بما فيها تجنيد الأطفال والقصّر من الانقلابيين والزجّ بهم في حروبهم العبثية»، وكذلك «الاعتقالات خارج القانون والإخفاء القسري لموقوفين».